والجبل والأرض، فقال: أتحب أن تكون هكذا تبصر، وحسابك على الله، أو تكون كما كنت، ولك الجنة، قلت: الجنة، فمسح بيده على وجهي، فعدت كما كنت (1).
وفي كتاب الدلائل للحميري عن زيد بن حازم قال: كنت مع أبي جعفر بن علي الباقر، فمر بنا أخوه " زيد بن علي " فقال أبو جعفر الباقر: أما رأيت هذا ليخرجن بالكوفة، وليقتلن، وليطافن برأسه، فكان كما قال (2).
وروى أبو الفرج بسنده عن يونس بن جناب قال: جئت مع أبي جعفر (الباقر) إلى الكتاب، فدعى زيدا، ثم اعتنقه، وألصق ببطنه، وقال: أعيذك بالله أن تكون صليب الكناسة (3).
15 - تواضع الإمام الباقر وزهده:
كان التواضع من أبرز صفات الإمام الباقر - كما كان من أبرز صفات أبيه الإمام زين العابدين - وكان تواضع الإمام الباقر مبنيا على نظر ورأي يتصلان بقدر المعرفة الذي يتناسب عكسيا مع الكبر والعجب، ومن ثم فقد كان يقول:
" ما دخل قلب ابن آدم شئ من الكبر، إلا نقص من عقله، مثل ما دخله من ذلك، قل أو كثر "، وبدهي أنه إذا صدر من مثل الإمام الباقر مثل هذا القول، فلا بد أن يكون مثلا أعلى يطمح إليه، ومبدأ يطبق، وهكذا اختط الإمام الباقر للزهد أساسا من أسسه، وهو التواضع (4).