فقد عرفها، ومن لم يعرفها فسأعرفه بها، ومد رجله، وقال: انزعوا قلانسكم وخفافكم وطيالستكم، قال: فأمسكنا، فقال لنا يحيى: انتهوا إلى ما أمركم به أمير المؤمنين، فتنحينا فنزعنا أخفافنا وطيالستنا وقلانسنا ورجعنا ".
" فلما استقر بنا المجلس قال: إنما بعثت إليكم معشر القوم في المناظرة، فمن كان به شئ من الأخبثين لم ينتفع بنفسه، ولم يفقه ما يقول، فمن أراد منكم الخلاء فهناك، وأشار بيده، فدعونا له، ثم ألقى مسألة من الفقه، فقال: يا أبا محمد، قل، وليقل القوم من بعدك، فأجابه يحيى، ثم الذي يلي يحيى، ثم الذي يليه حتى أجاب آخرنا في العلة، وعلة العلة، وهو مطرق لا يتكلم، حتى إذا انقطع الكلام، التفت إلى يحيى فقال: يا أبا محمد: أصبت الجواب، وتركت الصواب في العلة، ثم لم يزل يرد على كل واحد منا مقالته، ويخطئ بعضنا، ويصوب بعضنا، حتى أتى على آخرنا ".
ثم قال: إني لم أبعث فيكم لهذا، ولكني أحببت أن أنبئكم أن أمير المؤمنين أراد مناظرتكم في مذهبه، الذي هو عليه، والذي يدين الله به، قلنا: فليفعل أمير المؤمنين - وفقه الله - فقال: إن أمير المؤمنين يدين الله على أن " علي بن أبي طالب " خير خلق الله - بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) - وأولى الناس بالخلافة له ".
قال إسحاق: فقلت يا أمير المؤمنين، إن فينا من لا يعرف ما ذكر أمير المؤمنين في " علي "، وقد دعانا أمير المؤمنين للمناظرة.
قال: يا إسحاق، اختر، إن شئت سألتك، وإن شئت أن تسأل، فقل.
فقال إسحاق: فاغتنمتها منه، فقلت: بل أسألك يا أمير المؤمنين، قال:
سل، قلت: من أين قال أمير المؤمنين: إن علي بن أبي طالب، أفضل الناس، بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأحقهم بالخلافة بعده؟