وكان يقصده من أئمة الفقه والحديث كثيرون، منهم " سفيان الثوري " (96 - 161 ه / 713 - 778 م) و " سفيان بن عيينة " (107 - 96 ه / 725 - 811 م) محدث مكة، ومنهم الإمام أبو حنيفة (80 - 159 م / 699 - 767 م) فقيه العراق، وكان يرشد كل من يجئ إليه، ويبين له الحق، الذي لا عوج فيه.
وقال الصبان في إسعاف الراغبين: هو صاحب المعارف، وأخو الدقائق واللطائف، ظهرت كراماته، وكثرت في السوالك إشاراته، ولقب بالباقر، لأنه بقر العلم، أي شقه، فعرف أصله وخفيه (1).
وقال أبو زهرة: كان رضي الله عنه مفسرا للقرآن، ومفسرا للفقه الإسلامي، مدركا حكمة الأوامر والنواهي، فاهما - كل الفهم - لمراميها، وكان راوية للأحاديث، يروي أحاديث آل البيت، ويروي أحاديث الصحابة من غير تفرقة، ولكمال نفسه، ونور قلبه، وقوة مداركه، أنطقه الله تعالى بالحكم الرائعة، ورويت عنه عبارات في الأخلاق الشخصية والاجتماعية، ما لو نظم في سلك لتكون فيه مذهب خلقي سام، يعلو بمن يأخذ به إلى مدارج السمو الإنساني (2).
4 - الإمام الباقر والشيعة:
تتجلى في الإمام الباقر - رضوان الله عليه - الصفة الأساسية في الشيعة الأوائل، من الحفاظ على الإسلام، ومنع من يفعل ذلك بالعدل والروية والحسنة (3)، قال الإمام الباقر: " والله ما شيعتنا، إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع، والتخشع، وأداء الأمانة، وذكر الله، والصوم والصلاة والبر بالوالدين، وتعهد الجيران من الفقراء، وذوي المسكنة، وصدق