الواصفين، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحتملها هذه العجالة (1)، ومن تلك الكلمات ما يدخل في سلسلة السند في روايته " أبو علي الروذباردي "، وسفيان الثوري، وذلك في نقل قول الباقر في التوكل " الغنى والعز يجولان في قلب المؤمن، فإذا وصلا إلى مكان فيه التوكل أوطناه " (2).
هذا إلى أننا نجد الحب عند الإمام الباقر - كما وجد عن أبيه - من قوله:
" إعلم يا جابر، أن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة... قطعوا محبتهم لمحبة ربهم، ووحشوا الدنيا لطاعة مليكهم " (3).
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الزهاد والمتصوفة إنما قد عجبهم الأئمة الأوائل من آل بيت النبوة، فأرادوا أن يجعلوا منهم قدوة يقتدون بها، وجعلوا مبادئهم الخلقية والسياسية، الموازية لمبادئ الزهاد شيئا يهتدون به، وكانت أسس التصوف في بداية وضعها، فاستفاد الزهاد من أئمة أهل البيت إفادة ظاهرة، حتى رأيناهم في النهاية ينسبون التصوف إلى الإمام علي - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - عن طريق أولاده الأئمة هؤلاء، وقد صرح " العطار " بذلك، فقال في الإمام محمد الباقر، الذي أنهى بسيرته كتابه " تذكرة الأولياء ": " ذلك حجة أهل المعاملات، ذلك برهان أرباب المشاهدات، ذلك إمام أولاد النبي (صلى الله عليه وسلم)، ذلك كريم أحفاد الإمام علي، ذلك صاحب الظاهر والباطن، أبو جعفر محمد الباقر، رضي الله عنه " (4).
7 - الإمام الباقر والصديق والفاروق:
كان الإمام الباقر يحب الصديق والفاروق، رضي الله عنهما، ويعرف لهما