كساء فدكي يخله عليه إذا ركب ويلبسه، إذا نزل، وهو الذي عيرته به هوازن، بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) وقالوا: لا نبايع ذا الخلال.
قال: فلما قضينا غزوتنا، قلت له: يا أبا بكر، إني قد صحبتك، وإن لي عليك حقا، فعلمني شيئا أنتفع به، فقال: كنت أريد ذلك، لو لم تقل لي:
تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتحج البيت وتصوم شهر رمضان، ولا تتأمر على رجلين، فقلت: أما العبادات فقد عرفتها، أرأيت نهيك لي عن الإمارة، وهل يصيب الناس الخير والشر، إلا بالإمارة، فقال: إنك استجهدتني فجهدت لك، إن الناس دخلوا في الإسلام طوعا وكرها، فأجارهم الله من الظلم، فهم جيران الله، وعواد الله، وفي ذمة الله، فمن يظلم منكم، إنما يحقر ربه، والله إن أحدكم ليأخذ شويهة جاره أو بعيره، فيظل عمله بأسا بجاره، والله من وراء جاره.
قال: فلم يلبث إلا قليلا، حتى أتتنا وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فسألت: من استخلف بعده؟ قيل: أبو بكر، فقلت: أصاحبي الذي كان ينهاني عن الإمارة، فشددت على راحلتي، فأتيت المدينة، فجعلت أطلب خلوته، حتى قدرت عليها، فقلت: أتعرفني؟ أنا فلان بن فلان، أتعرف وصية أوصيتني بها؟ قال:
نعم، إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبض، والناس حديثو عهد بالجاهلية، فخشيت أن يفتتنوا، وإن أصحابي حملونيها، فما زال يعتذر إلي حتى عذرته، وصار من أمري بعد أن صرت عريفا (1).
11 - الإمام الباقر وقضية الجبر والاختيار:
كان الإمام الباقر يقول: " يا معشر الشيعة، شيعة آل محمد، كونوا النمرقة (أي الوسادة) الوسطى، يرجع إليكم الغالي، ويلحق إليكم التالي "، وفسر " الغالي " بأنه من يقول فيه ما لا يقول في نفسه، و " التالي " بأنه المرتاد، يريد