علي بن أبي طالب على غيره من الخلفاء الراشدين، ويرى أنه أحق بالخلافة منهم، ويرجعون هذا الاعتقاد إلى تأثير البيئة التي تربى فيها المأمون، فإنه كان في أول أمره في حجر " جعفر البرمكي " ثم انتقل إلى " الفضل بن سهل "، وكلاهما يضمر التشيع، فاختمرت عنده هذه الفكرة - على غير ما كان عليه آباؤه - ولهذا كان المأمون يعامل الطالبيين معاملة تناسب اعتقاده في فضل أبيهم، وظل على عقيدته هذه إلى آخر حياته (1).
ويستدل هذا الفريق على صحة رأيه بما رواه الطبري في تاريخه، والذهبي في دول الإسلام، والسيوطي في تاريخ الخلفاء من أنه في سنة إحدى عشرة ومائتين أمر بأن ينادي: " برئت الذمة ممن ذكر معاوية بن أبي سفيان بخير، وأن أفضل الخلق - بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) - علي بن أبي طالب " (2).
ويروي المسعودي: أنه في سنة اثنتي عشرة ومائتين نادى منادي المأمون:
" برئت الذمة من أحد الناس ذكر معاوية بخير، أو قدمه على أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وتكلم في شئ من التلاوة أنها مخلوقة، وغير ذلك، وتنازع الناس في السبب الذي من أجله أمر بالنداء في أمر معاوية، فقيل في ذلك أقاويل، منها أن بعض سماره حدث بحديث عن مطرق بن المغيرة بن شعبة الثقفي.
وقد ذكر هذا الخبر " الزبير بن بكار " (172 ه / 788 م - 256 ه / 870 م) في كتاب " الموفقيات " قال: سمعت المدائني يقول: قال مطرق بن المغيرة بن شعبة: وفدت مع أبي المغيرة إلى معاوية، فكان أبي يأتيه يتحدث عنده ثم ينصرف إلي فيذكر معاوية ويذكر عقله ويعجب مما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة