هذا وقد اختلف في وقت قبول العهد، فقيل: بعد موت العاهد - كما يقبل الوصي الوصية بعد موت الموصي - والأصح أن وقته ما بين عهد الخليفة وموته، لتنتقل الإمامة عن العاهد إلى المعهود إليه مستقرة بالقبول.
هذا وقد اختلف العلماء في مدى جواز انفراد الخليفة بالعهد لولده أو والده، فذهب فريق إلى أنه ليس له الانفراد بذلك لواحد منها، بل لا بد من موافقة أهل الحل والعقد على صلاحية المعهود إليه للخلافة، لأن ذلك منه بمثابة التزكية ليجري مجرى الشهادة، وتقليده على الأمة مجرى الحكم، وهو لا يجوز أن يحكم لوالد أو ولد.
على أن فريقا " آخر، إنما أجاز ذلك، لأنه أمير الأمة، نافذ الأمر لهم وعليهم، فغلب حكم المنصب على حكم النسب، ولم يجعل للتهمة عليه في ذلك طريقا ".
وهناك فريق ثالث، أجاز له الانفراد بذلك للوالد - دون الولد - لأن الطبع إلى الولد أميل منه إلى الوالد، ولذلك كان ما يقتنيه في الأغلب مذخورا " لولده، دون الوالد.
وأما إذا كان المعهود إليه أخا "، أو ابن أخ، أو عما " أو ابن عم، أو أجنبيا "، فيجوز العهد بالخلافة إليه، من غير استشارة أحد من أهل الحل والعقد (1).
والحالة الثانية: أن يتعدد المعهود إليهم، بأن يكونوا اثنين فأكثر، وهي على ضربين:
الأول: أن يجعلها الخليفة شورى بينهم، لم يقدم فيها أحدا " منهم على الآخر، فيختار أهل الحل والعقد واحدا "، أو يخرج الجميع أنفسهم من العهد ويبقى واحد منهم.