على أن الإمام الجويني إنما يتردد كثيرا " في إثبات شرط النسب القرشي، فيقول: ولسنا نعقل احتياج الإمامة في وضعها إلى النسب، ثم يعود فيقول:
ولكن خصص الله هذا المنصب العلي، والمرقب السني بأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك من فضل الله يؤتيه من يشاء.
وهكذا يقف إمام الحرمين - كما يقول الدكتور عبد العظيم الديب محقق الكتاب - تجاه اشتراط النسب في الإمام، فلا يرى له مستندا " من النقل، ولا من العقل، بل إنه قد أعلن تردده صراحة في كتابه الإرشاد حيث قال: ومن شرائط الإمام عند أصحابنا (يعني الشافعية) أن يكون الإمام قرشيا "، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأئمة من قريش، وقال: قدموا قريشا " ولا تقدموها وهذا ما يختلف فيه الناس، وللاحتمال فيه عندي مجال، والله أعلم بالصواب.
فهو يحكي هذا الشرط، والاستدلال عليه عن أصحابنا - أي عن الشافعية - ثم يقول صراحة: وللاحتمال فيه عندي مجال، ونحن إذ نسجل لإمام الحرمين عدم ارتياحه لهذا الشرط، نذكر أن من القائلين به، شيخ الإسلام ابن تيمية (661 - 728 ه / 1263 - 1328 م) (1).