وعلى أية حال، فإن من الشروط اللازمة المعتبرة - عند الجويني - في الإمام، الذكورة والحرية ونحيزة العقل والبلوغ، ولا حاجة إلى الإطناب في نصب الدلالات على إثبات هذه الصفات.
وأما الصفات المكتسبة المرعية في الإمامة: فالعلم والورع.
فأما العلم: فالشرط أن يكون الإمام مجتهدا "، بالغا " مبلغ المجتهدين، مستجمعا " صفات المفتين، ولم يؤثر في اشتراط ذلك خلاف، والدليل عليه أن أمور معظم أصول الدين تتعلق بالأئمة، فأما ما يختص بالولاة وذوي الأمر، فلا شك في ارتباطه بالإمام، وأما ما عداه من أحكام الشرع، فقد يتعلق به من جهة انتدابه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلو لم يكن الإمام مستقلا " بعلم الشريعة لاحتاج لمراجعة العلماء في تفاصيل الوقائع، وذلك يشتت رأيه، ويخرجه عن رتبة الاستقلال.
وأما التقوى والورع، فلا بد منهما، إذ لا يوثق بفاسق في الشهادة على فلس، فكيف يولى أمور المسلمين كافة، والأب الفاسق - مع حدبه وإشفاقه على ولده - لا يعتمد في مال ولده، فكيف يؤتمن في الإمامة العظمى فاسق، لا يتقي الله، ومن لم يقاوم عقله هواه ونفسه الأمارة بالسوء، ولم ينتهض رأيه بسياسة نفسه، فأنى يصلح لسياسة خطة الإسلام (1).
وفي مسند الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: أحب الخلق إلى الله إمام عادل، وأبغضهم إليه إمام جائر (2).
وروى الإمام مسلم في صحيحه في حديث زهير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا