الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ٣٧٩
هذا إلى أن البلاذري (1) لم يذكر ابن السوداء ولا أصحابه السبئية في أمر عثمان، وهو كذلك لم يذكره في أمر الإمام علي إلا مرة واحدة في أمر غير ذي خطر، إذ جاء عليا " مع آخرين يسألونه عن أبي بكر، فردهم ردا " عنيفا "، لائما " لهم على تفرغهم لمثل هذا، على حين كانت مصر قد فتحت وقتلت فيها شيعة علي.
وكتب علي كتابا " يذكر فيه ما صارت إليه الأمور، بعد تخاذل أهل العراق، وأمر أن يقرأ الكتاب على الناس لينتفعوا به، قال البلاذري: وكانت عند ابن سبأ - وهو عنده عبد الله بن وهب الهمداني - نسخة حرفها، وهكذا فالبلاذري يرى أن ابن سبأ، ليس ابن السوداء، ولكنه عبد الله بن وهب الهمداني، ثم هو يروي هذا الخبر متحفظا "، متوخيا " الصدق ما استطاع، وهو كثيرا " ما يروي بعض الأحاديث، ثم يعقب عليها، بما يظهر الشك فيها، لأنها من اختراع أهل العراق.
والواقع أن الخصومة بين الشيعة وأهل الجماعة قد اتخذت ألوانا " من الجدل والإذاعة ونشر الدعوة، بعد أن استقام الأمر لبني العباس، كثر فيها المكر والكيد والاختراع، بحيث يجب على المؤرخ المنصف أن يحتاط أشد الاحتياط،

(١) البلاذري: هو أبو العباس، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، ولد في بغداد في العقد الأول من القرن الثالث الهجري، سمع في دمشق وحمص وأنطاكية والعراق، وكان نديما " للخليفة العباسي المتوكل ٢٣٢ - ٢٤٧ ه‍)، ويعد البلاذري مؤرخا " جامعا "، من أشهر مؤرخي القرن الثالث الهجري، وتوفي عام ٢٧٩ ه‍ (٨٩٢ م)، وأشهر مؤلفاته: فتوح البلدان وأنساب الأشراف، ونشر الكتاب الأول محمد رضوان بالقاهرة ١٩٥٩ م، وصلاح الدين المنجمد بالقاهرة أيضا " ١٩٥٦ - ١٩٦٠ م، وعبد الله وعمر أنيس الطباع في بيروت ١٩٥٧ م، ونشر الجزء الأول من أنساب الأشراف محمد حميد الله بالقاهرة ١٩٥٩، كما نشرت منه أجزاء بالقدس ١٩٣٦ - ١٩٣٨ م، وأهم مصادر ترجمة البلاذري (لسان الميزان لابن حجر ١ / ٣٢٢ - ٣٢٣)، البداية والنهاية ١١ / ٦٥ - ٦٦، الأعلام للزركلي ١ / ٢٥٢، علم التاريخ للدوري ص ٤٨ - ٥١، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي ٣ / ٨٣، معجم المؤلفين لكحالة ٢ / ٢٠١ - ٢٠٢، الفهرست لابن النديم ص 113، (إرشاد الأريب لياقوت 5 / 89 - 102).
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»
الفهرست