جاعل في الأرض خليفة) *: إن هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع، لتجتمع به الكلمة، وتنفذ به أحكام الخليفة، ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة، ولا بين الأئمة، إلا ما روي عن الأصم، حيث كان عن الشريعة أصم، وكذلك كل من قال بقوله، واتبعه على رأيه ومذهبه، قال: إنها غير واجبة في الدين، بل يسوغ ذلك وأن الأمة متى أقاموا حجهم وجهادهم، وتناصفوا فيها بينهم، وبذلوا الحق من أنفسهم، وقسموا الغنائم والفئ والصدقات على أهلها، و أقاموا الحدود على من وجبت عليه، أجزاهم ذلك، ولا يجب عليهم أن ينصبوا إماما " يتولى ذلك.
ودليلنا على إقامة إمام، قول الله تعالى: * (إني جاعل في الأرض خليفة) * وقوله تعالى: * (يا داود إنا جعلناك في الأرض خليفة) *، وقوله تعالى: * (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض) *، أي يجعل منهم خلفاء، إلى غير ذلك من الآي (1).
ويقول ابن كثير: وقد استدل القرطبي وغيره بهذه الآية (آية البقرة: 30) على وجوب نصب الإمام (الخليفة)، ليفصل بين الناس فيما اختلفوا فيه، ويقطع تنازعهم، وينتصر لمظلومهم من ظالمهم، ويقيم الحدود، ويزجر عن تعاطي الفواحش، إلى غير ذلك من الأمور المهمة التي لا يمكن إقامتها، إلا بالإمام، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب (2).
2 - وأما السنة: فلقد روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن محمد عن نافع قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع - حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية - فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة، فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم،