جعلوا ذلك أهم الواجبات، واشتغلوا به عن دفن الرسول، صلى الله عليه وسلم، وكذا عقيب موت كل إمام، روي أنه لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، خطب أبو بكر فقال: يا أيها الناس، من كان يعبد محمدا "، فإن محمدا "، فإن محمدا " قد مات، ومن كان يعبد رب محمد، فإنه حي لا يموت، لا بد لهذا الأمر من يقوم به، فانظروا، وهاتوا آراءكم، رحمكم الله، فبادروا من كل جانب، وقالوا: صدقت، لكننا ننظر في هذا الأمر، ولم يقل أحد أنه لا حاجة إلى إمام (1).
وقال البغدادي: وقالوا - أي أهل السنة والجماعة - إن الإمامة فرض واجب على الأمة، لأجل إقامة إمام، ينصب لهم القضاة والأمناء، ويضبط ثغورهم، ويغزي جيوشهم، ويقسم الفئ بينهم، وينتصف لمظلومهم من ظالمهم (2).
والوجوب ثابت بالكتاب والسنة والإجماع:
فأما الكتاب، فلقد قال الله تعالى: * (وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) * (3) وقال تعالى: * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض، كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) * (4) وقال تعالى: * (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض، فاحكم بين الناس بالحق) * (5).
ويقول القرطبي في تفسيره لآية البقرة (30) * (وإذ قال ربك للملائكة إني