ويحق لهم استنكار ذلك فهن أعلم برسول الله صلى الله عليه وآله من عائشة، لأنهن ثمانية وفيهن أمثال أم سلمة المرأة الصالحة التي كبر سنها وكمل عقلها، ثم هذا هو الذي يتماشى وغيرة الرسول صلى الله عليه وآله وعدم تساهله في المحارم.
ولعل أم المؤمنين عائشة توافق أمهات المؤمنين من أن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يتسامح في مثل هذه الأمور، فلنستمع إليها تروي عن نفسها:
قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وعندي رجل قاعد فاشتد ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه، قالت فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، قالت: فقال صلى الله عليه وآله: انظرن إخوتكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة (1).
فلعلها كانت تجتهد هي أيضا في حياة النبي صلى الله عليه وآله فكانت ترى صحة رضاعة الكبير، وبهذه الرواية أثبتت أنها كانت تستبيح ذلك في حياة النبي، ولكن الرسول صلى الله عليه وآله لم يوافقها على ذلك وغضب واشتد ذلك عليه، وقال لها: إنما الرضاعة من المجاعة، يعني لا تكون الرضاعة إلا للصبيان الذين لا يتغذون إلا بالرضاعة، فهذا الحديث يبطل رضاعة الكبير كما لا يخفى.
وأنا أذكر قصة تابعة لهذا الحديث، وتخصه، ضجت بها الجرائد وحار بها المشايخ وأصحاب الفتوى.
قدمت امرأة طلبا في المحكمة تطلب فيه الطلاق من زوجها بحجة أنها أصبحت أما له فهي محرم عليه.