وترضعه في كل مرة حتى يصبح ابن أخت أم المؤمنين، فتستبيح عائشة مقابلته بعدما كان حرام عليها. ولعل هذا هو الذي رغب الناس فيها.
فتسابقوا إليها وأحبوا الدخول عليها وأطروها وعظموها حتى أنزلوها منزلة يقصر عنها عظماء الصحابة، فقالوا بأن عندها نصف الدين، فمن من الرجال - وخصوصا في ذلك العصر - لا يحب التقرب إلى أم المؤمنين زوجة الرسول وابنة أبي بكر وبنات أخيها؟
إنها روايات مخزية تنسب إلى أعظم شخص عرفه تاريخ البشرية، وانظر أيها القارئ - إلى الرواية - كيف تستنكر سهيلة على رسول الله صلى الله عليه وآله عندما قال لها ارضعيه، قالت: وكيف أرضعه وهو رجل ذو لحية، قالت فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: قد علمت أنه رجل كبير (1).
وانظر أيضا أن الرواي لهذه القصة تهيب أن يحدث بها.
قال ابن رافع بعد رواية الحديث: فمكثت سنة أو قريبا منها لا أحدث به، فهبته ثم لقيت القاسم فقلت له: لقد حدثتني حديثا ما حدثته بعد، قال: فما هو؟ فأخبرته: فقال: فحدثه عني، إن عائشة أخبرتنيه (2).
ولعل أم المؤمنين عائشة كانت تنفرد بهذا الحديث ولذلك أنكر عليها أزواج النبي سائر أمهات المؤمنين وقلن: لا والله لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد من الناس كما تقدم، وأعتقد أن قولهن: ما نرى الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله سهلة إلا رخصة في رضاعة سالم وحده، هذا القول زيادة من المحدثين لأنهم استفظعوا أن يكذب سائر أزواج النبي عائشة ويستنكرون عليها مثل هذا الحديث.