الذين هم قوم صالحون ولهم مكانة عند الله بل تشفع واستغاث بأحجار على صورهم الموهومة لم يجعل الله لها حرمة ولا شفاعة ولم يقتصر على ذلك بل زاد عليه أنواعا من العبادة كما مر مرارا وأين هذا من الاستغاثة والتوسل بالنبي أو الولي.
قوله: في جواب استغاثة الناس بالأنبياء يوم القيامة الدالة على أنها ليست شركا:
سبحان من طبع على قلوب أعدائه فإن الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها الخ.
ونقول: سبحان من طبع على قلبه فجعله لا يلتفت إلى التناقض والتهافت في كلامه فإنه كما عرفت في الفصل الثاني يمنع من طلب الشفاعة من النبي " ص " ويجعله شركا ويوجب طلبها من الله تعالى بقوله اللهم شفعه في أو ارزقني شفاعته مع تسليمه بأنه " ص " قادر عليها وأن له الشفاعة وأنه الشفيع المشفع وهنا يقول لا ننكر الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه فأي جهل وتناقض وتهافت أعظم من هذا وهو مع ذلك يقول سبحان من طبع على قلوب أعدائه مع أنك عرفت مرارا أن الاستغاثة الحاصلة بالمخلوق ليست إلا فيما يقدر عليه وهو الدعاء والشفاعة وإن عبر بقوله ارزقني واشف مريضي وغير ذلك كما مر آنفا (لا يقال) إنما منع من طلب الشفاعة من النبي " ص " تمسكا بقوله تعالى إن الشفاعة لله جميعا. فلا تدعوا مع الله أحدا فيكون عدم جواز طلبها منه وإن كان قادرا عليها لنص شرعي تعبدي وهو الآيتان الشريفتان (لأنا نقول) معنى الآية الأولى كما عرفت في الفصل الأول ليس عدم جواز طلب الشفاعة منه " ص " بل إنه تعالى مالك أمرها فلا يشفع عنده أحد إلا بإذنه وإلا لمن ارتضى ولا يلجئه أحد إلى قبول شفاعته كما يقع من المخلوقين والمنهي عنه في الآية الثانية دعاء مخصوص لا مطلق الدعاء كما عرفته في هذا الفصل. وأول كلامه بالنسبة إلى الاستغاثة وغيرها مطلق شامل للمقدور وغيره مع أنه في مقام البيان ولكن لما اعترض عليه بالاستغاثة بالأنبياء يوم القيامة التي لم يجد لها جوابا قيد حينئذ الاستغاثة الممنوعة بغير المقدور وإلا فما باله لم يقيدها من أول الأمر ويسلم من الاعتراض مع كونه في مقام البيان. ومنه يظهر بطلان جواب الصنعاني السابق الراجع إلى التفصيل بين الاستغاثة بالحي فيما يقدر عليه وغيرها لما عرفت من أن الاستغاثة الحاصلة لا تخرج عن المقدور. قوله: وأما بعد مماته فحاش وكلا إنهم سألوا ذلك فيه أنه يناقض قوله الأول:
ونحن أنكرنا استغاثة العباد عند قبور الأنبياء والأولياء أو في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلا الله فإنه يدل على أن الموجب للإنكار كونها لا يقدر عليها إلا الله وحينئذ