الله وما يقدر عليه غيره فإذا كان المطلوب هو الدعاء والشفاعة لم يكن المطلوب غير مقدور وكلما طلب فيه غير المقدور يجب حمله على طلب الدعاء والشفاعة حملا لفعل المسلم على الصحة فالتفصيل المذكور ساقط من أصله.
وأما قوله: إن مسألة المخلوق قد تكون جائزة وقد تكون منهيا عنها فإن أراد بالنهي نهي الكراهة والتنزيه لا نهي المنع والتحريم فله وجه بمعنى أنه لا ينبغي مسألة الناس والاستعانة بهم مع إمكان الاستغناء عنهم. وسمع بعض أئمة أهل البيت عليهم السلام من يقول اللهم لا تحوجني إلى خلقك فنهاه وقال ما معناه أنه لا بد من احتياج الخلق بعضهم لبعض ولكن قل اللهم لا تحوجني إلى لئام خلقك. وإن أراد غير ذلك فهو مردود عليه ولكن ذلك كله خارج عما نحن فيه فإن كلامنا في الاستغاثة بالمخلوق ليكون شافعا إلى الله ووسيلة إليه ولا شك أن ذلك راجح لا كراهة فيه إذا كان المستغاث أهلا لذلك فإن ذلك لا يخرج عن عبادة الله ودعائه والاستغاثة به بل هو المستغاث حقيقة والله تعالى يحب دعاءه والتوسل إليه بكرام خلقه لأن ذلك من أنواع العبادة له والتذلل له وإلا فالله تعالى قادر على أن يعطينا بدون دعائنا وتوسلنا وتضرعنا ويعفو عنا بغير شفاعة شفيع فلماذا أمرنا بالدعاء وقبل شفاعة الشفعاء وأذن لهم فيها.
وأما ما ذكره ابن عبد الوهاب في تعليمه الاحتجاج من قوله أنت تقر أن الله فرض عليك إخلاص العبادة إلى قوله فإنه لا يعرف العبادة ولا أنواعها فجوابه أن علماء المسلمين أعرف بربهم وبعبادته وأنواعها منه ونسبته لهم إلى الجهل بالعبادة وأنواعها جهل وسوء أدب وتخرص على الغيب وإذا كان لا يعرف العبادة ولا أنواعها فكيف جزم بأنه لا بد أن يقول إن الدعاء عبادة وإنه مخ العبادة، قوله: إذا دعوت الله ودعوت في تلك الحاجة نبيا أو غيره هل أشركت في عبادة الله الخ. قد علم بما بيناه أنه ليس كل دعاء عبادة وأن من يدعو غير الله في حاجة من نبي أو صالح حي أو ميت ليدعو الله له في قضاء حاجته ويشفع له عنده ليس بعابد لذلك النبي أو الصالح وليس مشركا في عبادة ربه أحدا ولا خارجا عن دعاء الله وعبادته فلا نطيل بإعادته، قوله: وهل كانت عبادتهم إياهم إلا في الدعاء والذبح والالتجاء قد عرفت أيضا إن عبادتهم لهم كانت بالسجود والذبح والإهلال بأسمائهم على الذبائح والالتجاء إلى الأحجار والأشجار للجاه والشفاعة التي نهى الله عن الالتجاء إليها على لسان أنبيائه ولم يجعل فيها صفة تصحح الالتجاء إليها ولا جاه لها عنده