ومما يدل على جواز الاستغاثة بغير الله من النقل ما في خلاصة الكلام أنه رواه ابن السني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله " ص " إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد يا عباد الله احبسوا فإن لله عبادا يجيبونه. وفي حديث آخر رواه الطبراني أنه " ص " قال إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد عونا وهو بأرض ليس فيها أنيس فليقل يا عباد الله أعينوني وفي رواية أغيثوني فإن لله عبادا لا ترونهم وقال إن الفقهاء ذكروا ذلك في آداب السفر " انتهى " وهو موجود في كتب أصحابنا أيضا وأورده بعض الوهابية في الرسالة الأولى من رسائل الهدية السنية ببعض التغيير (1). قال: ومما استدل به علينا في جواز دعوة غير الله قوله " ص " وأورد الحديث الأول لكنه قال احبسوها بدل احبسوا. قال: وفي رواية إذا أعيت فليناد يا عباد الله أعينوا. ثم أجاب بأجوبة طويلة جلها لا يرجع إلى محصل ولا يليق أن يسطر ولا يرتبط بالمقصود فلذلك أعرضنا عن نقله. ومما ذكره: القدح في السند برواية الطبراني له في الكبير بسند منقطع عن عقبة وإن النووي عزاه لابن السني وفي إسناده معروف بن حسان قال ابن عدي منكر الحديث مع أن أخذ الفقهاء له بالقبول وذكرهم مضمونه في آداب السفر وإيراد أئمة الحديث له في كتبهم كالطبراني والنووي مغن عن تصحيح سنده لو سلم ما قاله وكيف خفي على الفقهاء والمحدثين أن مضمونه شرك أو حرام وظهر ذلك لأعراب نجد. وأجاب صاحب المنار في الحاشية بأن المتبادر إن النداء لمن عساه يوجد من الناس في الفلاة ولم يره وهو معتاد " انتهى " ولما كان الحديث المذكور في رسالة الوهابية إشارة إلى ما رواه الطبراني والنووي كما نص عليه صاحب الرسالة عند قدحه في السند كان تأويل صاحب المنار هذا مصادما لصريح الحديث فإن قوله: فإن لله عبادا لا ترونهم صريح أو كالصريح في أنهم ليسوا ممن يرى لدلالة المضارع على الاستمرار ودلالة التأكيد بأن على تحقق وجودهم وكذا قوله فإن لله عبادا يجيبونه دال على أن وجودهم وإجابتهم محقق أو غالب لا محتمل احتمالا بعيدا أو مقطوع بعدمه كما هو حال الفلاة والأرض التي ليس فيها أنيس ولو أراد ذلك لقال فليناد لعله يوجد أحد يجيبه أو نحو ذلك.
وفي خلاصة الكلام: صح عن بلال بن الحارث رضي الله عنه أنه ذبح شاة عام القحط المسمى عام الرمادة فوجدها هزيلة فصار يقول وا محمداه وا محمداه " انتهى " وظاهر الحال