أنه استغاثة به " ص " لا ندبة. قال: وصح أيضا أن أصحاب النبي " ص " لما قاتلوا مسيلمة الكذاب كان شعارهم وا محمداه وا محمداه " انتهى " وهو أظهر من السابق في الاستغاثة لأنه وقع في حياته " ص ". قال: وفي الشفا للقاضي عياض إن عبد الله بن عمر خذلت رجله مرة فقيل له اذكر أحب الناس إليك فقال وا محمداه فانطلقت رجله " انتهى " وهو من نوع الاستغاثة. أما ما يروى من أن أبا بكر قال قوموا نستغث برسول الله من هذا المنافق فقال " ص " أنه لا يستغاث بي إنما يستغاث بالله فهو على تقدير صحة سنده محمول على أن المستغاث به الحقيقي هو الله تعالى لأنه القادر المختار الفاعل لما يشاء فقال بذلك تواضعا لله تعالى فهو نظير (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) وقوله " ص " ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم. فلا يعارض ما دل على جواز الاستغاثة ووقوعها كما مر مع أنه خارج عن محل النزاع فإن الذي يعارض فيه الوهابيون كما صرحوا به الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله واستغاثتهم برسول الله " ص " من ذلك المنافق كانت في أمر مقدور قطعا وهو دفع مفسدة نفاقه بضربه أو قتله أو غير ذلك.
* الفصل الثالث * * في التوسل إلى الله تعالى بالأنبياء والصلحاء * وهذا يكون على وجوه (أحدها) أن يقول أتوسل به إلى الله أو أتوجه به إليه أو أتشفع أو أقدمه بين يدي حاجتي أو نحو ذلك (ثانيها) أن يقول أسألك بفلان أو بحق فلان أو بحقه عليك أو بجاهه عندك أو ببركته أو بحرمته عندك أو نحو ذلك (ثالثها) أن يقول أقسمت عليك أو أقسم عليك بفلان أو نحو ذلك وكلها تؤول إلى شئ واحد وهو جعله وسيلة وواسطة بينك وبين الله تعالى لما له من المنزلة عنده والكرامة لديه. والوجهان الأخيران يدخلان في الإقسام على الله بمخلوق الذي يأتي في الفصل الرابع وذكرناهما هنا لعدم خروجهما عن التوسل وكونهما من أنواعه. والتوسل بأنواعه مما منعه الوهابية وجعلوه شركا لأنه نوع من التشفع الممنوع عندهم والموجب للشرك ولجريان أدلتهم فيه. وقد صرح بذلك محمد بن عبد الوهاب في المحكي عنه في كتاب التوحيد حيث قال بعد ذكر آية (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب) بين فيها الرد على المشركين الذين يدعون الصالحين ففيها بيان إن هذا الشرك الأكبر (انتهى) وصرح به أيضا الصنعاني في تطهير الاعتقاد حيث قال في جملة كلامه المتقدم في الباب الثاني بأن من توسل