ونتصدق بها على الفقراء فهل هذا النذر والذبح لله أو لغير الله فلا بد أن يقول إنه لله فقل له وكذلك النذر والذبح الذي تزعمون أنه للولي هو نذر وذبح لله ليتصدق به على الفقراء ويهدي ثوابه للنبي أو الولي.
قوله: أتظن أنهم يعتقدون إن تلك الأخشاب والأحجار تخلق وترزق الخ فيه إنهم وإن لم يعتقدوا أنها تخلق وترزق إلا أنهم عبدوها وعظموها بما نهاهم الله عنه واعتقدوا أن لها شرفا ذاتيا واختيارا وتدبيرا كما أوضحناه مرارا فلا نطيل بإعادته وليس هذا هو فعل المسلمين عند الأحجار والبنايا التي على القبور وغيرها كما زعم وتوهم على ما سبق مفصلا فأين الاستغاثة بذوي المكانة عند الله ودعاؤهم من عبادة الأصنام وأين فعل المسلمين من فعل عباد الأصنام، فالمسلمون بتعظيمهم من أمر الله بتعظيمه وتبركهم بمن أثبت الله له البركة واستغاثتهم وتشفعهم بمن جعله مغيثا وشافعا وطلبهم دعاءه واستغفاره لهم لم يعبدوا غير الله تعالى ولم يعظموا غير الله ولم يستغيثوا إلا بالله ولم يدعوا غير الله لأن كل ما كان عن أمر الله تعالى فهو إطاعة له ولو تعلق بالمخلوقين واشتمل على تعظيمهم كما كان سجود الملائكة لآدم ويعقوب وأولاده ليوسف وتعظيم الكعبة والطواف بها والحجر الأسود وتقبيله واستلام الأركان وتعظيم حجر إسماعيل ومقام إبراهيم والصلاة عنده وتعظيم الحرم والمساجد وهي جمادات كلها عبادة لله تعالى وتعظيما له. قوله: هل تريد إن الشرك مخصوص بهذا أي عبادة الأصنام وإن الاعتماد على الصالحين ودعاءهم لا يدخل في هذا فهذا يرده ما في القرآن من كفر من تعلق على الملائكة وعيسى والصالحين. وقد عرفت أن الكفر من تعلق على الملائكة لم يكن لمجرد التشفع بهم وطلب دعائهم وأن كفر من تعلق على عيسى لأنه جعله إلها مستحقا لجميع صفات الألوهية لا مجرد الاستغاثة به بطلب دعائه وشفاعته فراجع فتعبيره بالتعلق المجمل وعدم بيانه المراد منه جهل أو تضليل فأين هذا ممن استغاث بنبي أو ولي فطلب دعاءه وشفاعته.
وأما من تعلق على الصالحين: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر التي ورد أنها أسماء قوم صالحين فقد أقام لهم تماثيل من أحجار يعبدها ويسجد لها ويذبح الذبائح ويهل بها لها ويذكر أسماءها عليها ويطليها بدمائها ويتقرب بها إلى تلك الأحجار ويستغيث بها ويعتقد أن لها تأثيرا وقدرة إلى غير ذلك ولم يكن منه مجرد الاستغاثة والتشفع إلى الله بأصحابها