بمخلوق فقد أشرك مع الله غيره واعتقد ما لا يحل اعتقاده كما اعتقد المشركون في الأوثان وعد من جملة العبادة الموجبة للشرك والكفر التوسل بالمخلوق. وقد صرح ابن تيمية في كلامه المتقدم في الفصل الأول في الشفاعة بأن من توسل بعظيم عند الله كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه فهذا من أفعال الكفار والمشركين. وقال في مقام آخر من رسالة زيارة القبور (1): وأما قول بجاه فلان عندك أو ببركة فلان أو بحرمة فلان عندك افعل بي كذا فهذا يفعله كثير من الناس لكن لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين وسلف الأمة إنهم كانوا يدعون بمثل هذا الدعاء ولم يبلغني عن أحد من العلماء في ذلك ما أحكيه إلا ما رأيت في فتاوى الفقيه أبي محمد بن عبد السلام أنه لا يجوز فعل ذلك إلا للنبي (ص) إن صح الحديث في النبي (ص) ثم قال قد روى النسائي والترمذي وغيرهما أنه (ص) علم بعض أصحابه أن يدعو فيقول (اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي اللهم فشفعه في) فإن هذا الحديث قد استدل به طائفة على جواز التوسل به (ص) في حياته وبعد مماته قالوا وليس في التوسل دعاء المخلوقين ولا استغاثة بالمخلوق وإنما هو دعاء واستغاثة به تعالى لكن فيه سؤال بجاهه كما في سنن ابن ماجة عن النبي (ص) في دعاء الخارج للصلاة (اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا) إلى آخر ما يأتي في الفصل الرابع قالوا فسأله بحق السائلين عليه وبحق ممشاه إلى الصلاة والله تعالى قد جعل على نفسه حقا بقوله (وكان حقا علينا نصر المؤمنين. كان على ربك وعدا مسؤولا) قال: وفي الصحيح عن معاذ بن جبل عن النبي (ص) حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم وجاء في غير حديث كان حقا على الله كذا وكذا كقوله في حديث شارب الخمر فإن عاد في الثالثة أو الرابعة كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال وهي عصارة أهل النار وقالت طائفة ليس في هذا جواز التوسل به في مماته وبعد مغيبه بل في حياته بحضوره كما في صحيح البخاري أن عمر رضي الله عنه استسقى بالعباس فقال اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون وقد بين عمر إنهم كانوا يتوسلون به في حياته
(٢٥٢)