دعاء الغير أرجى للإجابة ولو لم يكن أقرب وروي أن الله تعالى أوحى إلى موسى (ع) " ادعني على لسان لم تعصني به " كما كانت الصلاة على النبي " ص " التي أمرنا الله تعالى بها في الدعاء من أسباب إجابته كما صرح به ابن تيمية في كلامه السابق والله تعالى قادر على إجابة الدعاء بدون الصلاة على النبي " ص " فكيف أمر بها لتكون سببا في إجابة الدعاء ولم يكن ذلك منافيا لقربه من الداعي وكان التشفع إليه بذوي المكانة الذين جعل الله لهم الشفاعة منافيا لذلك. وخلاصة القول إن الله تعالى أمر عباده بدعائه ووعدهم الإجابة قصدا لتذللهم وتعبدهم له من دون حاجة منه إلى دعائهم مع قدرته على أن يعطيهم بدون دعاء مع رأفته بهم لكنه أراد أن يتعبدوا له بأنواع التعبد والتذلل ويتوسلوا إليه وجعل لهم من لطفه بهم ورحمته أسبابا لنيل فضله ونعمه مثل الصلاة على النبي " ص " في دعائهم والتشفع إليه بذوي المكانة عنده ومن ذلك إعطاؤه الشفاعة لذوي الشفاعة مع عدم حاجة منه إلى شئ من ذلك ولو فرض أن أحدا قال لا يمكنني أن أدعوه إلا بهذه الواسطة لكان مخطئا وغالطا ولم يكن مشركا وكافرا كما يزعمه ابن تيمية وأتباعه الوهابية، أما استدلاله بآية وإذا سألك عبادي عني " الآية " على إمكان دعاء الله بلا واسطة فمن فضول الكلام فإنه لا ينكر أحد إمكان ذلك وأنه تعالى قريب ممن دعاه ولكن لا ينافي ذلك كون بعضهم أقرب من بعض ولا كون دعاء الغير أرجى للإجابة، أما استشهاده بآية إياك نعبد وآية إنما نعبدهم ليقربونا فلا محل له فلا أحد يعبد غير الله ولا يستعين بغيره وإنما هو سؤال الدعاء والشفاعة الذي لا يخرج عن عبادته تعالى والاستغاثة به لأنه عن أمره، قوله: إن كنت تظن أنه أعلم بحالك وأقدر على عطاء سؤالك أو أرحم بك فهذا جهل وضلالة وكفر ليس في المسلمين من يعتقد هذا فذكره فضول وتطويل بدون طائل، قوله: وإن كنت تعلم أن الله أعلم وأقدر وأرحم فلم عدلت عن سؤاله إلى سؤال غيره. لم يعدل أحد عن سؤاله تعالى إلى سؤال غيره وإنما هو طلب الدعاء والشفاعة الذي لا يخرج عن سؤاله تعالى لأنه عن أمره كما مر، ونقول له: النبي " ص " يعلم أن الله تعالى أعلم بحاله وأقدر على عطاء سؤاله وأرحم به من عمر فلم عدل عن سؤاله إلى سؤال عمر وقال له حين ودعه إلى العمرة لا تنسنا من دعائك يا أخي حسبما رويت وإذا كان " ص " يعلم ذلك فلماذا طلب منا أن نصلي عليه ونسأل الله تعالى له الوسيلة ولماذا لم يطلبها هو من الله ولماذا أمر عمر أن يسأل أويسا القرني أن يستغفر له ولماذا قال أبو بكر لعمر استغفر لي ولماذا لم يطلب أبو بكر
(٢٤٣)