سواء قصد طلب شفاعتها أو التجئ إليها لأنها فاعلة بنفسها ولأنها جمادات لا قدرة لها على شئ أصلا ولا تسمع ولا تعقل، أو بعبادة ملك أو جني واعتقاد أن له تأثيرا مع الله وقدرة بنفسه لم يجعلها الله له.
قوله: إذا كنت تقر إن الله حرم الشرك الخ. فما هو فإنه لا يدري. قوله: لا يدري حكم على غائب وتخرص على الغيب وما الذي حرمه أعلمه أنه لا يدري وهل الله أشركه في علم الغيب بل الشرك الذي حرمه الله تعالى معلوم معروف عند جميع المسلمين لا يجهله عوامهم فضلا عن علمائهم فنسبتهم إلى أنهم لا يعرفون معنى الشرك افتراء باطل وإساءة أدب مع علماء الأمة الذين قال رسول الله (ص) فيهم علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل أو أفضل من أنبياء بني إسرائيل ومع الأمة عموما التي قال الله تعالى عنها إنها خير أمة أخرجت للناس فجعلهم يجهلون معنى الشرك ويعرفه أعراب نجد فقط، وقد عرفت أن الشرك والكفر يتحقق بأحد الأمور المتقدمة في الأمر الرابع عشر من المقدمة الثانية وما في حكمها وتحقق الشرك بذلك أوضح من أن يبين أو يجهله مسلم.
ويمكن أن نقلب هذا الاستدلال على ابن عبد الوهاب وأتباعه، فنقول: لأحدهم أنت تقر إن الله فرض عليك إخلاص العبادة وحرم عليك الشرك فبين لنا هذا الذي فرض عليك وحرم عليك فإنه لا يعرف العبادة ولا أنواعها فإن قال إخلاص العبادة هو أن لا يدعو غير الله ولا يستغيث إلا بالله ولا ينحر ولا يذبح إلا لله والشرك دعاء غير الله والتشفع والاستغاثة به فقل له هل مطلق دعاء غير الله وندائه عبادة فإن قال نعم فقل له إذا لا يسلم أحد من الشرك وإن قال بل هو دعاء مخصوص فقل بينه لي فإن قال هو دعاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فقل فلماذا كفرتم المسلمين في طلب الشفاعة من النبي (ص) وهو قادر عليها وهو الشفيع المشفع فإنه لا يهتدي إلى جوابه. وقل له هل كل تعظيم عبادة موجبة للشرك فإن قال نعم فقل إذا تعظيم الأبوين وتعظيم النبي (ص) في حياته شرك وكفر وإن قال هو تعظيم مخصوص فقل له بينه لي فإنه لا يعرفه فقل له إنه تعظيم غير الله بما نهى عنه الله وكان مساويا لتعظيم الله وهذا لا يفعله مسلم. وقل له هل كل ذبح ونذر لغير الله أو هو ذبح ونذر مخصوص فلا بد أن يقول إنه نذر وذبح مخصوص فقل له فما هو فأن قال هو نذركم وذبحكم للأولياء فقل إذا نذرنا أن نذبح شاة