جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي. وفي رواية: وإني جئتك مستغفرا ربك عز وجل من ذنوبي ثم بكى وأنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه * فطاب من طيبهن القاع والاكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه * فيه العفاف وفيه الجود والكرم ثم استغفر وانصرف فغلبتني عيناي فرأيت النبي " ص " في المنام فقال يا عتبي إلحق الأعرابي فبشره إن الله غفر له فخرجت خلفه فلم أجده " انتهى " وذكر حكاية الأعرابي هذه السمهودي في وفاء الوفا وسيأتي نقلها في فصل الزيارة وحكى السمهودي (1) عن السبكي أن الآية دالة على الحث بالمجئ إليه " ص " والاستغفار عنده واستغفاره لهم وهذه رتبة لا تنقطع بموته وقد حصل استغفاره لجميع المؤمنين لقوله تعالى استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات فإذا وجد مجيئهم واستغفارهم تكملت الأمور الثلاثة الموجبة لتوبة الله ولرحمته وقوله واستغفر لهم معطوف على جاؤوك فلا يقتضي كون استغفاره بعد استغفارهم مع إنا لا نسلم أنه لا يستغفر بعد الموت لما سبق من حياته ومن استغفاره لأمته بعد الموت عند عرض أعمالهم عليه ويعلم من كمال رحمته أنه لا يترك ذلك لمن جاءه مستغفرا ربه " انتهى " ثم قال في خلاصة الكلام: قال العلامة ابن حجر في الجوهر المنظم روى بعض الحفاظ عن أبي سعيد السمعاني أنه روى عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنهم بعد دفنه " ص " بثلاثة أيام جاءهم أعرابي فرمى بنفسه على القبر الشريف على ساكنه أفضل الصلاة والسلام وحثا من ترابه على رأسه وقال يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ووعيت عن الله ما وعينا عنك وكان فيما أنزله عليك ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم " الآية " وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي إلى ربي " الخبر " قال وجاء ذلك عن علي أيضا من طريق أخرى " انتهى " وفي وفاء الوفا (2) قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان في مصباح الظلام إن الحافظ أبا سعيد السمعاني ذكر فيما روينا عن علي بن أبي طالب قال قدم علينا أعرابي وذكر مثله ثم قال في خلاصة الكلام ويؤيد ذلك ما صح عنه " ص " حياتي خير لكم تحدثون وأحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم ما رأيت من خير حمدت الله وما رأيت من شر استغفرت لكم (انتهى).