وقول النبي (ص) " علي مني وأنا من علي ". وما يشابه هذا (15).
وقد جاء في الصحيح عن علي قوله " لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ولو صببت الدنيا بجملتها في حجر المنافق على أن يحبني ما أحبني. وذلك أنه قضى فانقضى على لسان النبي الأمي: إنه لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق " انتهى ولهذا الحديث وما في معناه طرق عديدة تفيد القطع بثبوته (16).
فلما ذكرناه نرى أن الشيخ غفر الله لنا وله لم يقصد ما هو مؤدى قوله آنفا ولكنها الغفلة لاستشعاره جلالة من وثق النواصب غالبا ووهن الشيعة مطلقا وعكس الأمر.
ويا ليت الشيخ حين أراد الاعتذار عن القوم اعتذر بغير ما ذكره كما لو قال أن النفاق أنواع ومراتب: نفاق كفر ونفاق عمل ونفاق حمية وبعضها أهون من بعض وإن كان هذا العذر أوهن من بيت العنكبوت.
ثم قال الشيخ:
" لأن من الطبع البشري بغض من وقعت منه إساءة في حق المبغض والحب بالعكس " انتهى.
وأقول ليس هذا من هذا الباب فإن عليا لم يسئ إلى أحد من مبغضيه. ومن قتله علي من آباء مبغضيه وقراباتهم فإنما قتله الحق ونفذ فيه على أمر الله جل جلاله وأمر رسول الله فهو في قتله لهم محسن مستحق لشكر أولئك الذين أبغضوه.
ولو جاز بغضه على ذلك أو عذرناهم في بغضهم له لذلك لكان لمنافقي قريش وأشباههم عذر في بغضهم النبي (ص) لقتله صناديدهم ولا قائل بذلك. كيف لا وربنا سبحانه وتعالى. يقول: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما). النساء / 65.
نعم لو وجد في قلب ضعيف الإيمان شئ لا يملكه من نفسه ولا يستطيع دفعه فقد يعذر فيه إذا عمل بخلافه واستغفر ولم يظهر منه شيئا وحاول دفعه بكل ما في وسعه وهذا شأنه ما يلقيه الشيطان في الأنفس من الوسوسة في الخالق عز شأنه.