خاتمة في الاعتذار عن المتقدمين إعلم رحمك الله أنه قد يمكن التماس العذر لبعض السابقين في بعض ما جرى منهم من غمز رجال أهل البيت النبوي أو من صفوة المنتمين إليهم أو من خيار شيعتهم ومحبيهم ومن رد أو تضعيف لرواياتهم وتمريض القول فيهم ومن تعديل أعدائهم النواصب وقبول رواياتهم والثناء عليهم بأن يكون منشأ ذلك أحد أمرين:
أولهما: الخوف من بطش الأعداء ونكاية أذنابهم ووشايات حفدتهم إذ هم أهل الدولة والصولة فاحترسوا بما ارتكبوه من القتل والعرقبة والضرب وثلب العرض وجرح العدالة واللعن والسب.
وثانيهما: الرجاء لما في أيدي القوم فتزلقوا إليهم بذلك لينالوا برهم وتبرهم وليحوزوا شرف الانتماء إذ بذلك يتسابق الناس إلى توثيقهم والرواية عنهم ويتخذونهم أئمة وأساتذة.
وهذا معروف عند الناس قديما وحديثا وربما دعت الضرورة إلى بعضه أو مست إلى شئ منه حاجة لا سيما في تلك الأعصر السوداء. ويفهم اللبيب هذا من صنيعهم فإنهم قد يتنفسون أحيانا فيذكرون في ترجمتهم لطواغيتهم وأذنابهم في طيات كلامهم في كتبهم النكتة بعد النكتة من مساوئ من يترجمون لهم مع مدحهم لهم كرها وتوثيقهم لهم لحاجة ماسة.
فتش تجد كثيرا مما أشرنا إليه ونقلنا بعضه مفرقا في خبايا زوايا مصنفاتهم فذو البصيرة المبصرة يفهم منه عذرهم لا سيما إذا لم يغب عن ذاكرته جبروت فراعنة تلك الأيام وشدة عسفهم وفاحش ظلمهم وقبيح استبدادهم وفظائع جورهم في تعذيب من يذكر مناقب أهل البيت الطاهر أو مثالب عداتهم أو يمتنع عن سبهم ولعنهم وذكر هذا في صحيح الكتب مسطور.
وما على المنصف منا إلا أن يرجع إلى نفسه فيتذكر ما كان يقوله بعض علماء عصرنا في السلطان عبد الحميد سلطان الترك وفي ولاته والمقربين لديه، وما يشهدون لهم به من العدالة