العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل - السيد محمد بن عقيل - الصفحة ٢١
عبد الرحمن بن ملجم قاتل صنو رسول الله تقي من أهل الفضل والدين بل ويشهد له بالجنة كثير منهم، ويعتقدون أن ذا الخويصرة الخبيث من المشهود لهم بالجنة، وأن أهل النهروان خيار بررة وهم المارقون من الدين قطعا بنص الأحاديث الصحيحة العديدة، ويزعمون أن الإمام الحسن بن علي وابن عباس منهم. إلى كثير من كذبهم الواضح المكشوف وكفى بقولهم فيمن هو نفس النبي وصنوه وأخوه شاهدا على زورهم وفجورهم... (6) إن أشقى الأولين وهو عاقر الناقة كافر لا ينازع في كفره مسلم فهل يكون أشقى الآخرين مسلما وفي المتأخرين من الكفار ألوف فيكون المسلم أشقى من الكفار؟ (7) وقد زعم بعضهم أنه كان متأولا أفكل تأويل يعذر به منتحله وينتفع به؟ سبحانه هذا بهتان عظيم. (8) ومن عرف ما اعترف به الشيخ من صنيع القوم وعرف ما قلناه لا يبقى عنده شك في أن كثيرا مما صححوه من مرويات النواصب كذب موضوع ومروجيه شركاء واضعيه والمناضل عنهم منهم إذا علموا جلية الحال وتعمدوا.
ثم قال الشيخ: " وتوهينهم الشيعة مطلقا " انتهى.
وأقول: استشكاله هنا واضح وجيه. إذ كيف يسوغ أن يعد التشيع المحمود المأمور به مما توهم به عدالة المنتصف به والصواب إن العدالة الكاملة لا تحصل إلا به فكل من وهنوه أو جرحوه لمجرد تشيعه الحسن أو كان جارحوه من النواصب أو ممن يتهم في أمر الشيعة المرضية لاختلافه وإياهم في المذهب والعقيدة لا يلتفت المنصف إلى ذلك الجرح ولا يبالي بذلك التوهين بالنسبة لمن حسنت حاله وظهرت عدالته، وهذا الحكم بالنسبة إلى عموم الرواية، وأما بالنسبة لخصوص ما يتعلق برواية مناقب أهل البيت الطاهر ومثالب أعدائهم فينبغي أن يتلقى بالقبول جميع مرويات من

(٦) انظر ملحق النقد الجليل. ومثل هذا الكلام هو ما دفع الأطفيش الجزائري للرد والدفاع عن الخوارج..
(٧) بنى المؤلف كلامه هذا على أساس حديث الرسول " ص " الذي يقول فيه لعلي: قاتلك أشقى الآخرين.. وفي رواية: أشقى الناس. وفي رواية أشقى هذه الأمة كما أن عاقر الناقة أشقى ثمود انظر مسند أحمد ج ٤ / ٢٦٣. وخصائص النسائي ومستدرك الحاكم والاستيعاب وجمع الجوامع للسيوطي. والبداية والنهاية ج ٧ / ٣٢٣.
(٨) قال بعض الفقهاء أن عبد الرحمن بن ملجم المرادي قتل الإمام علي متأولا - أي بشبهة شرعية يعذر بها - ويظهر موقف الفقهاء والمؤرخين من خلال اعتبارهم قتلة عثمان بغاة واعتبار عثمان شهيدا في الوقت الذي لا يعتبرون فيه ابن ملجم من البغاة والإمام علي من الشهداء.
جاء عن ابن حزم في المحلى ج ١٠ / 482: لا خلاف بين أحد من الأمة في أن عبد الرحمن بن ملجم لم يقتل عليا إلا متأولا مجتهدا مقدرا على أنه الصواب... وحسب قول ابن حزم هذا يكون الخوارج عدول مجتهدون..
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست