سوى الوضاعين والمشهورين بالكذب.
لأن رواية الراوي لمناقب الآل ومثالب أعدائهم إمارة قوية دالة على متانة دينه وشدة يقينه ورغبته فيما عند الله تعالى. ولذلك عرض نفسه وعرضه بما رواه للبلاء فصنيعه هذا يحمل المنصف على أن يغلب على ظنه صدقه. لا سيما فيما له أو لجنسه أصل في الكتاب العزيز أو السنة الصحيحة. أو رواه غير من ذكر ولو من طرق فيها وهن ومن المعلوم أن الرواية الصحيحة لا تفيد أكثر من غلبة الظن وهي حاصلة هنا. والتهمة منتفية هنا مهما نمقت الشبه. ولكن التهمة واضحة جلية في رواية من يروي فضائل أناس تعطي الإقطاعات العظيمة لراوي مناقبهم ومخترعها ويقرب ويشفع من يشيعها ويعدل ويتسابق الراغبون في عرض الحياة الدنيا إلى الرواية عنه تعززا بها وتزلفا إلى أهل الشوكة ودمغا لرؤوس الرافضة ونصرا للسنة بزعمهم ويمدح على ذلك وتأول سيئاته. (9) ولا يلزم مما قتله أن كل ما روى في فضل الآل وشيعتهم وفي ذم عداتهم صحيح ثابت. كلا فقد قال الشيخ ابن حجر في (لسان الميزان) ما لفظه:
" وكم قد وضع الرافضة في أهل البيت وعارضهم جهلة أهل السنة بفضائل معاوية بفضائل الشيخين، وقد أغناهما الله وأعلى مرتبتهما عنهما " انتهى. (10) ثم قال الشيخ:
" ولا سيما أن عليا ورد في حقه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق " انتهى. (11) وأقول: ورد هذا وما في معناه صحيح ثابت، وذلك يقضى بمدح محب علي وبذم مبغضه.
فكيف ساغ عكسهم القضية فوثقوا غالبا مبغض علي، وهو منافق ووهنوا محبه مطلقا وهو مؤمن، والشيخ من أعلم الناس بما صح في محب علي عليه السلام وفي مبغضه فصنيع القوم هنا مما يتحير العاقل المنصف في تأويل.