وذكر ابن حجر في (تهذيب التهذيب) في ترجمة مصدع المعرقب ما لفظه:
" قلت إنما قيل له (المعرقب) لأن الحجاج أو بشر بن مروان عرض عليه سب علي فأبى فقطع عرقويه. قال ابن المديني قلت لسفيان: في أي شئ عرقب؟ قال: في التشيع " انتهى. (3) ثم قال " ذكره الجوزجاني في الضعفاء - يعني المعرقب - فقال زائغ جائر عن الطريق، يريد بذلك ما نسب إليه من التشيع. والجوزجاني مشهور بالنصب والانحراف فلا يقدح فيه قوله " انتهى. (4) ومن هذا تعرف أن التشيع الذي يعرقب المتصف به ويكون زائغا جائزا عن الطريق عند أمثال الجوزجاني هو الامتناع عن سب مولى المؤمنين عليه السلام، ومما نقلناه يظهر لك الاضطراب في كلامهم. فإليك الكلام في اعتذار ابن حجر العسقلاني عن النواصب.
قال:
" وقد كنت استشكل توثيقهم الناصبي غالبا " انتهى.
وأقول كلام ابن حجر هذا وجيه واستشكاله صحيح لأن ذلك الصنيع عنوان الميل والجور فهو من أهل الاطلاع والحفظ وهو ثقة فيما يرويه فاعترافه هنا دليل واضح وحجة ثابتة على صنيع القوم، وهو مع ذلك علامة النصب وشيوعه وغلبة أهله في تلك الأيام وألف الناس له وميلهم إليه حتى استمروا مرعا الوبيل، واعتادوا سماع سب أخي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم وخف عليهم وقعه مع أنه سب لله جل جلاله وسب لرسوله فلم تنب عنه أسماعهم، ولم تنكره قلوبهم وجمدوا على ذلك واستخفوا به لأنه صار أمرا معتادا وفاعلوه أهل الرياسة والصولة.
أفبعد الاعتراف بتوثيقهم الناصبي غالب - وهو منافق بشهادة النبي - يجوز لنا التقليد بدون بحث وتدقيق فنقبل ما زعموا صحته؟ كلا بل الواجب البحث والتدقيق والاحتراس الشديد وأن لا نغتر بشئ مما رووه بإسناد فيه ناصبي وإن جل رواته عنه وكثر المغترون والمحتجون به والجازمون بصحته، اللهم إلا ما شهدت بصحته القرائن أو تواتر أو عضده ما يكسبه قوة أو كان مما يشهد عليهم بالضلال وعلى مذهبهم بالبطلان.