في توثيق الناصبة وجرح الشيعة في ذكر ما اعتذروا به عن توثيقهم الناصبي غالبا، وتوهينهم الشيعة مطلقا، واحتجاجهم لذلك ثم بيان فساد ذلك وبطلانه. نكتفي بنقل كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني، لأنه زبدة ما احتجوا به، ولأنه مما قد يروج قبل التأمل. ثم نرده جملة جملة.
قال ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب: " وقد كنت استشكل توثيقهم الناصبي غالبا، وتوهينهم الشيعة مطلقا، ولا سيما أن عليا ورد في حقه: لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، ثم ظهر لي في الجواب عن ذلك أن البغض ها هنا مقيد بسبب وهو كونه نصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأن من الطبع البشري بغض من وقعت منه إساءة في حق المبغض والحب بالعكس وذلك ما يرجع إلى أمور الدنيا غالبا والخير في حب علي وبغضه ليس على العموم، فقد أحبه من أفرط فيه حتى ادعى أنه نبي أو إله، تعالى الله عن أفكهم والذي ورد في حق علي من ذلك قد ورد مثله في حق الأنصار وأجاب عنه العلماء أن بغضهم لأجل النصر كان ذلك علامة نفاق وبالعكس. فكذا يقال في حق علي. وأيضا فأكثر من يوصف بالنصب يكون مشهورا بصدق اللهجة والتمسك بأمور الديانة، بخلاف من يوصف بالرفض فإن غالبهم كاذب ولا يتورع في الأخبار، والأصل فيه أن الناصبة اعتقدوا أن عليا قتل عثمان أو كان عليه فكان بغضهم له ديانة بزعمهم. ثم انضاف إلى ذلك أن منهم من قتلت أقاربه في حروب علي " انتهى كلام ابن حجر.
وقبل الشروع في نقض كلامه لا بد من تمهيد فنقول: قد اختلف كلام أهل الجرح والتعديل في تحديد ما تجرح به عدالة الراوي، وفي تعريف الشيعي والرافضي، ورجح بعضهم ما وافق مشربه، ولم يرجعوا إلى أصل متفق عليه. تعرف هذا مما ننقله من كلامهم، فقد ذكر الشيخ ابن حجر العسقلاني في مقدمة (فتح الباري) التشيع في ألفاظ الجرح ثم قال:
" والتشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة. فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيعه ويطلق عليه رافضي، وإلا فشيعي " انتهى. (1)