من وساوس إبليس لعنة الله تعالى وإضلاله وصده عن السبيل، كما في الآيات المتقدم ذكرها، وكما في قوله تعالى: (فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) [البقرة: 213] وليس كذلك من كان إبليس لعنه الله قرينه، يملي عليه بوساوسه الأباطيل ويحمله على التعسف في التأويل، حتى يرد الحجج إلى آرائه ويزين له قبيح قوله وفعاله. مع أن ذلك رد لتلك النصوص، وإبطال لفائدتها، وهي خطاب حكيم، ورد خطاب الحكيم وإبطال فائدته باطل عقلا وشرعا.
وأيضا أهل الزيغ يشاركون في ذلك، وقد أخبر الله تعالى أن تأويلهم للمتشابه غير صحيح، فقال تعالى: (وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب) [آل عمران: 7] فلو كان مجرد المشاركة في ذلك تقضي بصحة التأويل لم يخبر الله تعالى بخلافه، لأنه لا يقول إلا الحق، فكذلك في استنباط الأحكام إذ لا فرق.