فلو كان ذلك موضع دلالة على ذلك لم يجز النطق به، لأنه يؤدي إلى خلاف ما علم من الدين ضرورة.
ولا يرد النسخ المنصوص والتخصيص للعموم لأن المنسوخ قد دل على معناه ولم يتخلف عنه، إذ لو لم يدل عليه لم يعرف كونه منسوخا. والعام المخصص صار بالتخصيص من قبيل المجاز، وقرينته ما خصص به كما هو مقرر في مواضعه. والمجاز لم تختلف دلالته عنه كما ذكرنا الآن فتأمل.
وكذلك مفهوم العدد إذا لم يكن جوابا لكم، لأنك تقول لمن تراه يطعم المساكين: أطعم هؤلاء الثلاثة، ولا يفهم منه منع الاطعام عمن سواهم، ويصح أن تقول: في عشرين وسقا مما أنبتت الأرض العشر. ويصح أن يفتي بذلك المفتون، لا سيما إذا قال السائل: حصل لي من مزرعتي عشرون وسقا في سنتي هذه، فما يجب علي في ذلك؟
وأجاب المفتي فقال: العشر.
فكيف، يصح التخريج من ذلك وأشباهه مع مصادمته للنصوص والإجماع؟
وأما احتجاجهم على ذلك بنحو قوله تعالى: (فاجلدوهم ثمانين جلدة) [النور: 4] فإنه يفهم منه تحريم الزائد على الثمانين، فباطل، لأن التحريم في الزائد ليس بمستفاد من العدد، وإنما هو مستفاد من الحظر العقلي، لأن الأصل في قضية العقل تحريم الضرب.