ومنع عمر الصلاة تيمما، فلو فقد الماء فلا صلاة، والمصلحة في نظره هي إنه لو رخص لهم في التيمم، لرخصوا التيمم مع برد الماء (1).
وقد دعا كعب الأحبار للابتعاد عن النصوص الدينية، والتوجه نحو الاجتهاد الشخصي، إذ قال: " إنه لا يصلح رجل (للخلافة) لا يعمل باجتهاد رأيه " (2). بينما قال الإمام علي (عليه السلام): فلا رأي في الدين، إنما هو أمر الرب ونهيه (3).
فيكون كعب وعمر يتفقان في الاعتماد على الرأي الشخصي، ولو في مقابل النصوص الدينية، لمصلحة أو دونها. ومخالفة عمر للنصوص واضحة إذ طلب من أبي بكر عزل أسامة من وظيفته التي نصبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها فقال له أبو بكر: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتأمرني أن أعزله (4).
ومخالفة أبي بكر للنصوص كثيرة، إذ دعا المسلمون لقتل خالد بن الوليد بعد قتله مالك بن نويرة وأصحابه وزناه بزوجة مالك فقال أبو بكر اجتهد فأخطأ.
وكذب أبو بكر وعمر فاطمة (عليها السلام) في قضية فدك وإغضابها بينما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني ومن أغضبني فقد أغضب الله (5).
ولكن النبي محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو رسول الله، وخاتم الأنبياء، لم يتبع هذه النظرية، بل سار على النصوص الإلهية، والأوامر ربانية، كما قال الله عز وجل: {إن هو إلا وحي يوحى} (6) وقوله تعالى: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين