الداري قد أسلم في سنة تسع هجرية، وكان يسكن المدينة، ثم أنتقل منها إلى الشام، بعد قتل عثمان (1).
وقال عنه ابن حجر العسقلاني: كان راهب أهل عصره، وأول من قص، وذلك في عهد عمر، وصاحب قصة الجساسة (2). وقد قيل أنه أسلم عند منصرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من تبوك، حيث قدم إليه تميم مع عشرة من الداريين.
ونصارى الشام وخاصة رجال الدين كان عندهم خبر من عيسى (عليه السلام) بخروج النبي أحمد في الحجاز. وقد أخبر راهب نصراني النبي محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك الخبر قبل المبعث النبوي أثناء ذهاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع عمه أبي طالب إلى الشام للتجارة، كما أخبر أحد رهبان الشام محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك أثناء ذهابه في تجارة خديجة (3). وتوثق هذا الخبر بانتصار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على يهود الجزيرة وكفارها، وسيطرته على دولة كبيرة الأطراف تضم اليمن وعمان والبحرين.
وبعد تيقن تميم الداري بذلك وقدومه لإعلان إسلامه، ظهر المنحى المادي الدنيوي بارزا على إسلامه، كما صرح هو.
قال أبو هند الداري: قدمنا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة ونحن ستة نفر تميم بن أوس، ونعيم بن أوس أخوه، ويزيد بن قيس، وأبو هند بن عبد الله - وهو صاحب الحديث - وأخوه الطيب بن عبد الله، فسماه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عبد الرحمن وفاكه بن النعمان فأسلمنا، وسألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقطعنا من أرض الشام، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): سلوا ما شئتم. فقال تميم: أرى أن نسأله عن بيت المقدس وكورها، فقال أبو هند: وكذلك يكون فيها ملك العرب، وأخاف أن لا يتم لنا هذا، فقال تميم: