يا أمير المؤمنين، إنه بلغنا أن الأشياء اجتمعت فقال السخاء: أريد اليمن، فقال حسن الخلق أنا معك وقال الجفاء: أريد الحجاز فقال الفقر: وأنا معك وقال البأس:
أريد الشام فقال السيف: وأنا معك إلى نهاية الحديث (1).
وسأل عمر كعبا عن علي (عليه السلام) والخلافة: ما تقول في علي، أشر علي في رأيك، واذكرني ما تجدونه عندكم (2).
وسأل عمر كعبا عن الخليفة المقبل: إلى من يفضي الأمر عندكم (3).
وقد يكون لتنبؤ أحد علماء أهل الكتاب باعتلاء عمر سلطة البلاد مستقبلا تأثير كبير في أخذ عمر عن أهل الكتاب وثانيا للمكانة الثقافية العالية لأهل الكتاب قبل الإسلام في نفوس البعض:
جاء في تصانيف أبي أحمد العسكري، أن عمر كان يخرج مع الوليد بن المغيرة في تجارة للوليد إلى الشام، فلما كان بالبلقاء لقيه رجل من علماء الروم، فجعل ينظر إليه، ويطيل النظر لعمر، ثم قال: أظن اسمك - يا غلام - عامرا أو عمران أو نحو ذلك؟
قال: اسمي عمر.
قال: اكشف عن فخذيك، فكشف فإذا على أحدهما شامة سوداء في قدر راحة الكف، فسأله أن يكشف عن رأسه، فإذا هو أصلع، فسأله أن يعتمد بيده فاعتمد فإذا أعسر أيسر. فقال له: أنت ملك العرب.
قال: فضحك عمر مستهزئا. فقال: أو تضحك؟ وحق مريم البتول، أنت ملك العرب، وملك الروم، وملك الفرس، فتركه عمر وانصرف مستهينا بكلامه، فكان عمر يحدث بعد ذلك، ويقول: تبعني ذلك الرومي، راكب حمار، فلم يزل معي حتى، باع الوليد متاعه، وابتاع بثمنه عطرا وثيابا، وقفل إلى الحجاز، والرومي يتبعني،