والخطير في الأمر أن تميما وكعبا كانا يتحدثان في أيام منع ذكر الحديث النبوي وتدوينه من قبل عمر (1). فكان السؤال عن تفسير القرآن غير مسموح به، وكذلك السؤال عن المسائل الاعتقادية، والأحاديث النبوية.
وفي ظل عدم تمكن الصحابة من قول الحديث، كان تميم وكعب يتحدثان في مدينة المصطفى. وبذلك يكون تميم وكعب هما المرجعان الدينيان اللذان يرجع إليهما الصحابة في السؤال عن المسائل الدينية، ولهما الحق في التدريس في المسجد.
وكان فقدان المرجعية الدينية لأهل البيت (عليهم السلام)، هو الذي دفع عمر للاعتماد على غيرهم. لأن نظرية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تتمثل في الثقلين كتاب الله وأهل البيت (عليهم السلام)، وهذا ما طرحه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم الخميس أثناء مرضه، وفي حجة الوداع، وفي غدير خم، وغيرها. بينما كانت نظرية قريش: حسبنا كتاب الله. وقد وجد عمر أن كتاب الله نفسه يحتاج إلى مفسر، وأن شريعة الله تحتاج إلى مرجع ديني، وهذا ما يفسر مسألة اعتماد عمر على كعب وتميم لسد ذلك الفراغ المرجعي!
ولقد اعتمد في بعض المناسبات على الإمام علي (عليه السلام)، في حل بعض المعضلات الفقهية والاعتقادية والقضائية ذكرناها في هذا الكتاب فقال عندها عمر: لولا علي لهلك عمر (2).
وكان اعتماد الدولة الاستراتيجي في المسائل الخطيرة ونشر الثقافة العامة والأحاديث الدينية يتم أسبوعيا بالاعتماد على كعب وتميم.
وهذا لا ينافي اعتقاد الدولة بأفضلية علي (عليه السلام) على غيره من أمثال كعب وتميم.
لكن كعبا وتميما في خط الحزب القريشي، ومن ضمن رموزه، بينما كان الإمام علي (عليه السلام) من الخط المنافس لهم، فكان أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وآخرون من