ثقتهم بأنفسهم، وليبعدوهم من الانتفاع بآثار الفكر العربي والاستفادة من تراثهم القديم.
إنها فكرة مصدرها الاستعمار الذي لم يكتف بانتزاع أوطاننا وثرواتنا وحتى أخلاقنا وديننا، لم يكفه كل ذلك حتى أخذ يعمل على انتزاع أثمن ما يملكه إنسان هو ثقتنا بتفكيرنا، وأنفسنا، إنه يعمل على ذلك ليضع الخط الدفاعي عن استعماره وليستعمر تفكيرنا وليخلق فينا عقدة النقص، ليشعرنا بقصورنا عن إدراك وحل مشاكلنا، ولنقف في جهودنا وتفكيرنا، ولنعتمد على المستعمرين في أخذ كل فكرة ترد عنهم أخذ المسلمات من دون تأمل ولا مناقشة ومحاكمة، لأننا لا نملك التأمل والمناقشة والمحاكمة، ولننظر إليهم وهم الآريون أصحاب الفكر الدقيق، والنظر العميق نظرة التقديس والاكبار، نظرة العبد إلى سيده.
إن وراءها - بدون شك - غاية استعمارية واضحة، والجدير بالذكر أنهم أرادوا أن يسلبونا الثقة حتى بسعة الخيال، فقد قال بعض المستشرقين " إن العرب ضيقو الخيال، وإن سعة الخيال وعمق الفكر وقف على الآريين، وإذا عرض عليهم ابن الرومي الشاعر آمنوا بخياله وعمق تفكيره، ولكن قالوا إن جده رومي من عنصر آري، وإذا عرض عليهم المعري قالوا إنه لا خيال له، لأنه عربي صميم (1).
وأخال أنه لا حجة لديهم إلى إنكار عمق تفكيره وسعة خياله الذي يبدو في كتابيه اللزوميات ورسالة الغفران إلا بأنه عربي صميم.