الخراساني الغمر، يظن في نفسه أنه أكبر من هشام بن الحكم ويسألني هل تجوز الصلاة مع المرجئة في جماعة " (1).
وإزاء هذا كله فقد وردت أحاديث عن الأئمة من أهل البيت تشعر بالذم له، وذلك لأجل قوله بالجسم لا كالأجسام، وقد عرفنا أنه رجع عن هذا الرأي كما سيجئ في فصل (آرائه).
وعلى افتراض قوله بذلك فهو لا يقصد الجسمية بالمعنى المعروف، بل هو تعبير يريد به أن الله تعالى شئ لا كالأشياء، كما قال به تلامذته كالسكاك وعلي بن منصور والفضل بن شاذان، ومن المعقول في العادة أن يمثل التلامذة آراء أستاذهم، فالرجل كما يقول الشهرستاني " وراء ما يلزمه على الخصم ودون ما يظهره من التشبه ".
وبعد ذلك لا بد لنا من القول بأن هشاما كان مثالا واضحا للعالم الذي يتطلبه الإسلام في ذلك العهد في ثقافة واسعة متنوعة، تتناسب مع ظروف المجتمع الذي عاش فيه، هذا إلى إيمان قويم وقوة حجة وحضور بديهة وسرعة خاطر، مع شدة أهمام في مكافحة الزنادقة وشبه المخالفين في أصول الدين وغيره. وكان شديد الوطأة على المعتزلة، ناظرهم وناظروه، والفلج له في مناظراته وهم في إبان قوتهم ونشاطهم، يقول الشهرستاني كما سبق: " أنه بعيد الغور لا ينبغي أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة ".