الفلسفي الجديد في تلك الحقبة العباسية التي وجد فيها هشام، وأن نعرف حدود تلك الآراء الفلسفية التي انتشرت في شرقي البلاد الإسلامية ولا سيما العراق في ذلك العهد، والتي استجاب لها المتكلون الاسلاميون، وألفوها أمامهم سافرة.
كل ذلك تتعذر على الباحث معرفته، لفقدان المصادر المؤلفة في آراء الاسلاميين في ذلك الدور.
لكننا نعلم من جهة ثانية أن رجال الفكر الاسلامي وجدوا أمام هذا التيار الفلسفي الذي كان نتيجة دخول أمم أجنبية ذات ماض غني بالثقافة والحضارة والتاريخ. وطبيعي أن يحدث ذلك في المجتمع الاسلامي ألوانا جديدة لم تعهد من قبل، وأن يتطور المسلمون إلى مزيج فكري جديد، يتكون من العقلية العربية، ومن تعاليم الإسلام، ومن وراثات الأمم الدخيلة.
لذلك لا نستطيع أن ننكر تأثر الثقافة الإسلامية بما أحاط بها أو وصل إليها من ثقافات وأفكار، وهذا طبيعي في كل ثقافة، وفي كل تاريخ أمة وتفكير مجتمع. فإن التجاوب بين الأفكار والثقافات والعادات أيضا سنة طبيعية في جيع أمم الأرض وشاهدنا على ذلك أن الفلسفة الأوروبية في أوائل العصور الحديثة قد تأثرت وتجاوبت الفلسفة القرون الوسطى الشرقية، لا سيما في الغزوات الصليبية التي استمرت زهاء قرنين، وتأثرت كذلك بما جاورها من الفلسفة الأندلسية التي كانت في ذلك العهد في أوجها.