عندهم إلى التناقض، وذلك لأن قيام العرض بجسم هو عرض أيضا يحتاج إلى محل آخر يقوم به إلى غير نهاية، فيتسلسل. لذا يقول (هورتن) (1) إن هذا الرأي من آثار الهنود السمنية الذين اتصلوا بالعراق عن طريق البصرة.
ومهما يكن من شئ فليس لدينا ما يمنع أن يكون رأي هشام هذا، من أثر التفكير الرواقي، تسرب إليه عن طريق الديصانية، كما أنه جائز أن يكون نتيجة لنزعته الحسية نحو التجسيم، يؤيدها أن إدراك الطعم واللون والرائحة إنما يكون بالحواس، وما لا يكون جسما لا يدرك بالحس.
ولكن مع ذلك ينبغي أن لا نستسلم لفرض واحد منها، لأنه كان هناك موجات فلسفية غيرها، اجتازت إلى شبه الجزيرة العربية من تلك الأمم الغريبة عن العرب.
وعلى أي حال فقد عرفت أن النظام أخذ القول بجسمية هذه الأعراض المذكورة عن هشام ووافقه في أصل هذه المقالة، نعم خالفه في أنها محتاجة إلى محل تقوم به، كما ذهب إليه أكثرية الفلاسفة والمتكلمين حيث قالوا أن الأعراض لا توجد إلا في مكان ولا تحدث إلا في جسم.
وأما هشام فالذي يؤخذ من رأيه في صفات الخالق والعباد أنها أعراض توجد لا في جسم وحوادث لا في مكان. ولم أجد نصا صريحا يوضح رأيه على التحقيق في مسألة وجود العرض لا في محل بوجه عام. اللهم إلا بالنسبة إلى الأعراض الخاصة