فهو يفسر الحركة بالفعل كما فسر السكون بعدم الفعل، وهي عنده من مقولة الفعل، وليست من مقولة الأين، وقد خالف بهذا التفسير جمهور المتكلمين والفلاسفة، حين فسروها بالحصول الأول في المكان الثاني، كما فسروا السكون بالحصول في الحيز أكثر من زمان واحد، حسبما كانوا يفهمونه في ذلك العهد، ويريدون طبعا بها حركة الانتقال.
ونجد في رأي هشام هذا تطورا في فهم الحركة واقترابا من واقعها الذي يفهمه المفكرون حين فسروها بالصيرورة الدائمة اللاحقة لجميع الكائنات حتى الجمادات، لكن كل شئ بحسبه.
ومن القريب أن نجد في قول تلميذه بأن الحركة مبدأ تغير ما (1) تفسيرا واضحا، يلتقي بقول هشام أن الحركة فعل.
ويصف هشام الحركة بأنها صفة للفاعل ليست هي هو ولا غيره، وأنها قائمة لا في محل، ككل الأفعال أو صفات الأجسام، وهي عنده معنى ليست بجسم على خلاف رأيه في قسم من الأعراض. وقد وجدنا أبا الهذيل يذهب إلى أن الأعراض ترى حتى الحركة، وأن الحركة، من بينها ليست مماسة للمتحرك ولا مباينة، وقد اجتمع هو وهشام وتناظرا في ذلك.
فقال هشام لأبي الهذيل: " إذا زعمت أن الحركة ترى فلم زعمت أنها لا تلمس ". قال أبو الهذيل: " لأنها ليست بجسم فيلمس " لأن اللمس إنما يقع على الأجسام. فقال هشام:
" فقل إنها لا ترى لأن الرؤية إنما تقع على الأجسام ". فرجع