قال الزمخشري: " يجوز أن يكون استثناء متصلا، أي: لا أسألكم أجرا إلا هذا، وهو أن تودوا أهل قرابتي، ولم يكن هذا أجرا في الحقيقة، لأن قرابته قرابتهم، فكانت صلتهم لازمة لهم في المروءة.
ويجوز أن يكون منقطعا، أي: لا أسألكم أجرا قط، ولكنني أسألكم أن تودوا قرابتي الذين هم قرابتكم ولا تؤذوهم.
فإن قلت: هلا قيل: إلا مودة القربى، أو: إلا المودة للقربى؟ وما معنى قوله: * (إلا المودة في القربى) *؟
قلت: جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها، كقولك: لي في آل فلان مودة، ولي فيهم هوى وحب شديد. تريد: أحبهم وهم مكان حبي ومحله، وليست " في " بصلة للمودة كاللام إذا قلت: إلا المودة للقربى، إنما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به في قولك: المال في الكيس. وتقديره: إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها. والقربى مصدر كالزلفى والبشرى، بمعنى قرابة، والمراد: في أهل القربى. وروي أنها لما نزلت قيل: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما.
ويدل عليه ما روي عن علي رضي الله عنه: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حسد الناس لي، فقال: أما ترضى أن تكون رابع أربعة: أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا، وذريتنا خلف أزواجنا! " (1).
وأجاب الفخر الرازي بأن قال: " جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها، كقولك:
لي في آل فلان مودة، ولي فيهم هوى وحب شديد. تريد أحبهم وهم مكان