وقد اختلف حال العلويين أيام تولي المأمون الخلافة فقد اتبع سياسة التسامح مع العلويين ولعل ذلك راجع إلى ما كان يتمتع به المأمون من ثقافة واسعة وتفكير حر فقد كان مجلسه يحفل برجال الأدب والفقه والتاريخ فتعقد المناظرات في مختلف المسائل وكان يخصص لها أياما من الأسبوع (1).
كما أن المأمون كان يميل إلى الاعتزال لأن الاعتزال كان أقرب المذاهب إلى نفسه لاعتماده على العقل وقد قرب المعتزلة وتحسن حالهم أيامه، ومن أشهر رجالهم ثمامة بن أشرس (2).
ويبدو أيضا من سيرة المأمون إن كان يميل إلى العلويين، فيقول المسعودي أنه كان يظهر التشيع (3).
وفي سنة 212 ه نادى منادي للمأمون ألا برئت الذمة من أحد من الناس ذكر معاوية بخير أو قدمه على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأرسل الكتب إلى الآفاق بلعنه على المنابر فأعظم الناس ذلك وأنكروه واظطربت العامة، فأشير عليه بترك ذلك (4).
وقد حاول المأمون أن يشرح موقفه هذا فجمع الفقهاء وأهل العلم والحديث ودار بينهم حديث فقال المأمون فطائفة عابوا علينا ما نقول في تفضيل علي بن أبي طالب وظنوا أنه لا يجوز تفضيل علي إلا لانتقاص غيره من السلف، والله ما استحل أن انتقص الحجاج فكيف السلف الطيب (5).
وقد اعتبر عمل المأمون هذا بدعة فيقول ابن كثير وفي سنة 212 ه أظهر المأمون في الناس بدعتين فظيعتين إحداهما أعظم من الأخرى وهي القول بخلق القرآن والثانية تفضيل علي على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم