الحكم على الحادثة مع كونها على صفاتها، وذلك مسقط لما اعتمدت عليه.
قال الشيخ أيده الله: فقلت له: ليس مناقضة الفقهاء الذين أومأت إليهم حجة علي فيما اعتمدته، وقد ثبت أن حقيقة القياس هو حمل الشئ على نظيره في الحكم بالعلة الموجبة له في صاحبه، فإذا وضع هؤلاء القوم هذه السمة على غير الحقيقة فأخطأوا لم يخل خطأهم بموضع الاعتماد، مع أن الذي قدمته يفسد هذا الاعتراض أيضا، وذلك أن السمة والعلامة إذا كانت تدل على حكم من الأحكام فمحال وجودها، وهي لا تدل لأن الدليل لا يصح أن يخرج عن حقيقته، فيكون تارة دليلا وتارة ليس بدليل، وإذا كنتم تزعمون أن العلامة هي صفة من صفات المحكوم عليه بالحكم الذي ورد به النص، فقد جرت مجرى العلة في استحالة وجودها مع عدم مدلولها، كما يستحيل وجود العلة مع عدم معلولها، وليس بين الأمرين فصل.
فخلط هذا الرجل تخليطا بينا ثم ثاب إليه فكره، فقال: هذه السمات عندنا سمعية طارئة على الحوادث، ولسنا نعلمها عقلا ولا اضطرارا وإنما نعلمها سمعا وبدليل السمع، وعندنا مع ذلك أن العلل السمعية والأدلة السمعية قد تخرج أحيانا عن مدلولها ومعلولها، وهي كالأخبار العامة التي تدل على استيعاب الجنس بإطلاقها، ثم تكون خاصة عند قرائنها، وهذا فرق بين الأمور العقلية والسمعية.
قال الشيخ أيده الله: فقلت له: إن كانت هذه السمات سمعية طارئة على الحوادث، وليست من صفاتها اللازمة لها، وإنما هي معان متجددة فيجب أن يكون الطريق إليها السمع خاصة دون العقل والاستنباط، لأنها حينئذ تجري مجرى الأسماء التي هي الألقاب، فلا يصل عاقل إلى حقائقها إلا بالسمع الوارد بها، ولو كان ورد بها سمع لبطل القياس، لأنه كان حينئذ يكون نصا على الحمل،