وصفناه دليل على إبطال القياس في الشرعيات.
فلم يفهم السائل معنى هذا الكلام ولا عرفه، والتبس على الجماعة كلها طريقه، ولم يلح لأحد منهم ولا فطن به، وخلط السائل وعارض على غير ما سلف، فوافقه الشيخ أدام الله عزه على عدم فهمه للكلام وكرره عليه لم يحصل له معناه.
قال الشيخ أيده الله: فاضطررت إلى كشفه على وجه لا يخفى على الجماعة، فقلت: إن النبي (صلى الله عليه وآله) نص على تحريم التفاضل في البر، فكان النص في ذلك أصلا زعمتم أيها القايسون أن الحكم بتحريم التفاضل في الأرز مقيسا عليه وأنه الفرع له، وقد علمنا أن في العقل يجوز إن كان يتعبد القديم سبحانه وتعالى بإباحة التفضل في البر، وهو على جميع صفاته بدلا من تعبده بحظره فيه، فلو كان الحكم بالحظر لعلة في البر أو صفة هو عليها لاستحال ارتفاع الحظر إلا بعد ارتفاع العلة أو الوصف، وفي تقديرنا وجوده على جميع الصفات والمعاني التي يكون عليها مع الحظر عند الإباحة دليل على بطلان القياس فيه، ألا ترى أنه لما كان وصف المتحرك إنما لزمه لوجود الحركة، أو لقطعه المكانين استحال توهم حصول السكون له في الحقيقة مع وجود الحركة، أو قطعة للمكانين، وهذا بين لمن تدبره فلم يأت القوم بشئ يجب حكايته.
قال: الشيخ أدام الله عزه: ثم جرى هذا الاستدلال في مجلس آخر فاعترض بعض المعتزلة فقال: ما أنكرت على من قال لك: إن هذا الدليل إنما هو على من زعم أن الشرعيات علل موجبة كعلل العقليات، وليس في الفقهاء من يذهب إلى ذلك، وإنما يذهبون إلى أنها سمات وعلامات غير موجبة لكنها دالة على الحكم، ومنبئة عنه، وإذا كانت سمات وعلامات لم يمتنع من تقدير خلاف