السلطة وقيادة الأمة.
لذلك لم يجد الإمام الحسين (عليه السلام) بدا من الموافقة على طلب أهل العراق بالخروج إليهم، على الرغم من المخاطر الجسيمة التي كانت تحف به، وهو على يقين بأن هؤلاء القوم لا يفون له، لكنه (عليه السلام) أراد أن يلقي الحجة على قوم عابوا على أخيه الحسن من قبل بعد أن صالح معاوية عندما وجد فيهم التخاذل والتقاعس.
قرر الإمام الحسين (عليه السلام) الخروج إلى العراق على الرغم من تحذيرات بعض الناس له، ومنعه من الخروج، لكنه (عليه السلام) أصر على الخروج، لأنه كان يرى في أفق لا ترى الناس مثله، فعندما منعته أم سلمة من الخروج، قال لها: " إني والله مقتول وإن لم أخرج للعراق ".
ثم سار الركب متوجها إلى العراق، إلى الأرض ذات التربة الحمراء التي أبكت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلى أرض كربلاء التي كانت على موعد مع الملحمة التاريخية التي أخبر عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الأمين جبرئيل (عليه السلام).
لقد شهدت كربلاء دم آل الرسول يسيل على بطائحها وهم مجندلون على رمضائها، لقد شهدت كربلاء أراذل عبيد الله بن زياد وهم يجولون على صدر الحسين، وآخرين يتسابقون لإحراق خيم آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).. ومن بين صخب القوم وضجيجهم يخرج صوت يشق عباب صحراء كربلاء: " يا محمداه، صلى عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء، مرمل بالدماء، مقطع الأعضاء، وبناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفي عليها الرياح " (1).
نعم لقد كان صوت العقيلة زينب (عليه السلام) يصك السمع، ويخترق الحجب، ولا زالت صحراء كربلاء تردد صداه على مر الزمن والتاريخ " واثكلاه، ليت الموت