الرضاعة، فعظمت مصيبته على النبي وعلى عموم المسلمين، لا سيما وقد مثلت هندا أم معاوية تلك الشنيعة التي قطعت أعضاءه واستخرجت كبده فلاكتها ثم لفظتها، وأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نساء المسلمين بالنياحة عليه في كل مأتم، واتسع الأمر في تكريمه إلى أن صاروا يأخذون من تراب قبره فيتبركون به ويسجدون عليه لله تعالى، ويعملون المسبحات منه. وتنص بعض المصادر أن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جرت على ذلك، ولعلها أول من ابتدأ بهذا العمل في حياة أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولعل بعض المسلمين اقتدى بها، وكان لقب حمزة يومئذ سيد الشهداء، وسماه النبي أسد الله وأسد رسوله (1).
ويؤيد ما ذكره الشيخ المجلسي: عن محمد بن إبراهيم الثقفي، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: إن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت تديرها بيدها تكبر وتسبح حتى قتل حمزة بن عبد المطلب، فاستعملت تربته وعملت منها المسابح فاستعملها الناس (2).
فكانت عادة الناس تقديس تربة الشهداء، وتربة قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتربة بعض الصحابة أيضا، والاستشفاء بها عادة مألوفة عند المسلمين الأولين، فعندما استشهد حمزة سيد الشهداء صاروا يأخذون من تربته للاستشفاء ومعالجة الصداع.
وكذلك كانوا يتبركون ويتداوون بتراب حرم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (3).
فعندما توفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صاروا يأخذون من تربته الشريفة كما يستفاد ذلك