الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يفعل وهو يرى أحكام الدين قد تعطلت، والانحراف والعودة إلى الجاهلية التي أخذت تدب في أوصال أمة جده محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). قال (عليه السلام) في إحدى خطبه: " إن هؤلاء قوم لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، فأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود واستأثروا بالفئ " (1).
وما كان على الإمام الحسين (عليه السلام) وهو سيد قريش أن يفعل، وقد رقى منبر جده شخصية متهتكة مثل يزيد، الذي يجاهر بأفعاله المنكرة على مسمع ومرأى من الأمة، علاوة على رسل أهل العراق التي كانت تصل إلى الإمام الحسين تحثه على الخروج إليهم، والالتفاف حول قيادته الرشيدة، لانتشال الأمة من هاوية السقوط والعودة بها الإسلام المحمدي الأصيل، ومن جملة ما كتب له أهل الكوفة خمسين صحيفة، الصحيفة من الرجل والاثنين والثلاثة والأربعة، وكتبوا معهما:
" أما بعد فحي هلا، فإن الناس منتظرون لا إمام لهم غيرك، فالعجل، ثم العجل، ثم العجل، والسلام " (2).
وكتب إليه أشراف الكوفة أيضا منهم شبث بن ربعي، وحجار بن أبجر، وعمرو بن الحجاج الزبيدي وغيرهم: " أما بعد، فقد اخضر الجناب، وأينعت الثمار، وطمت الجمام، فإذا شئت فأقدم علينا، فإنما تقدم على جند لك مجندة، والسلام " (3).
بعد هذا، هل يعذر الحسين بعدم خروجه إلى العراق، والأمة هناك، وعدته في انتظاره ليبدأ بهم عملية التغيير الفعلي بعدما أصيب دين جده (صلى الله عليه وآله وسلم)، والعودة للنهج الصحيح الذي شذ عنه بنو أمية منذ الوهلة الأولى لاستحواذهم على زمام