والجبال، ولو يؤذن لها ما بقي على الأرض متنفس، ويأتيه قوم من محبينا ليس إليه غيرهم أولئك مصابيح في ظلمات الجور، وهم الشفعاء وهم واردون حوضي غدا أعرفهم إذا وردوا علي بسيماهم وكل أهل دين يطلبون أئمتهم، وهم يطلبوننا لا يطلبون غيرنا، وهم قوام الأرض: وبهم ينزل الغيث.
فقالت: فاطمة الزهراء (عليها السلام): يا أبة إنا لله وبكت، فقال لها:
يا بنتاه إن أفضل أهل الجنان هم الشهداء في الدنيا، بذلوا أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا، فما عند الله خير من الدنيا وما فيها قتلة أهون من ميتة، ومن كتب عليه القتل، خرج إلى مضجعه، ومن لم يقتل فسوف يموت، يا فاطمة بنت محمد:
أما تحبين أن تأمري غدا بأمر فتطاعي في هذا الخلق عند الحساب؟ أما ترضين أن يكون ابنك من حملة العرش؟ أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه يسألونه الشفاعة؟ أما ترضين أن يكون بعلك قسيم النار، يأمر النار فتطيعه يخرج منها من يشاء؟
أما ترضين أن تنظري إلى الملائكة على أرجاء السماء وينظروا إليك وإلى ما تأمرين به، وينظروا إلى بعلك إذا أفلجت حجته على الخلائق، وأمرت النار أن تطيعه؟
أما ترضين أن تكون الملائكة تبكي لابنك ويأسف عليه كل شئ؟ أما ترضين أن يكون من آتاه زائرا في ضمان الله، ويكون من آتاه بمنزلة من حج إلى بيت الله الحرام واعتمر، ولم يخل من الرحمة طرفة عين، وإذا مات مات شهيدا، وإن بقي لم تزل الحفظة تدعو له ما بقي، ولم يزل في حفظ الله وأمنه حتى يفارق الدنيا. قالت: يا أبة سلمت ورضيت وتوكلت على الله، فمسح على قلبها ومسح عينها، وقال: إني وبعلك وأنت وابنيك في مكان تقر عيناك ويفرح