" ولا ننكر أعماله العظيمة ومآثره الإسلامية الجليلة، فقد بالغ في تشييد الأبنية حول المشهد في الحائر، فجدد تعمير القبة، وشيد الأروقة من حوله، وبالغ في تزيينهما وتزيين الضريح بالساج والديباج، وعمر البيوت والأسواق من حول الحائر، وعصم مدينة كربلاء بالأسوار العالية فجعلها كحصن منيع، ثم اهتم بالماء لسكان البلد والضياء للحائر المقدس، فساق المياه الجارية للطف من مسافات بعيدة، وخصص أوقافا جارية للإنارة والإضاءة ".
لقد اهتم عضد الدولة بالمدينتين المقدستين اهتماما ملحوظا، فكان يكثر الزيارة لهما ويتفقد أحوال الناس ويأمر بتلبية مطاليبهما، وقد ذكر ابن طاووس إحدى زيارته لهما بقوله:
" كانت زيارة عضد الدولة للمشهدين الشريفين الطاهرين الغروي والحائري في شهر جمادى الأولى في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، وورد مشهد الحائر مشهد مولانا الحسين (صلوات الله عليه) لبضع بقين من جمادى، فزاره (صلوات الله عليه)، وتصدق وأعطى الناس على اختلاف طبقاتهم، وجعل في الصندوق دراهم ففرقت على العلويين، فأصاب كل واحد منهم اثنان وثلاثون درهما، وكان عددهم ألفين ومائتي اسم، ووهب للعوام والمجاورين عشرة آلاف درهم، وفرق على أهل المشهد من الدقيق والتمر مائة ألف رطل، ومن الثياب خمسمائة قطعة، وأعطى الناظر عليهم ألف درهم، وخرج وتوجه إلى الكوفة لخمس بقين من جمادى المؤرخ، ودخلها وتوجه إلى المشهد الغروي يوم الاثنين (ثاني يوم وروده)، وزار الحرم الشريف، وطرح في الصندوق دراهم، فأصيب كل واحد منهم إحدى وعشرون درهما، وكان عدد العلويين ألف وسبعمائة اسم، وفرق على المجاورين وغيرهم خمسة آلاف درهم، وعلى القراء والفقهاء ثلاثة آلاف درهم، وعلى المرتبين والخازن والنواب على يدي أبي الحسن العلوي، وعلى يد أبي القاسم بن