وكانت بغداد تشهد حوادث عنف متكررة بين الشيعة والسنة، حتى كانت السنة تعترض زوار العتبات المقدسة، وتفتك بهم، وقد ذكر ابن الأثير تلك الحوادث فقال: " واعترض أهل باب البصرة قوما من قم أرادوا زيارة مشهد علي والحسين (عليهما السلام) فقتلا منهم ثلاثة نفر، وامتنعت زيارة مشهد موسى بن جعفر " (1).
أما الفتنة التي حدثت في واسط بين الشيعة والسنة فقد وصف أبو الفرج ابن الجوزي هذه الحوادث بقوله: " اتصلت الفتنة بين الشيعة والسنة بواسط ونهبت محال الشيعة والزيدية بواسط وأحرقت، وهرب وجوه الشيعة والعلويين فقصدوا علي بن مزيد واستنصروه " (2).
وظلت حوادث الفتن متصلة فبعد حريق الحائر الحسيني بعشرة أيام، وفي العشرين من ربيع الأول احترق أيضا حرم العسكريين بسامراء، واحترقت في نفس اليوم محلات الشيعة ببغداد في جانب الكرخ من محلة نهر طابق ومحلة دار قطن، وقسم من محلة باب البصرة، ثم امتدت الفتن لتشمل بيت الله الحرام، والمسجد النبوي، والبيت المقدس، إذ أنه في نفس اليوم تشعث الركن اليماني من البيت الحرام، وسقط حائر من بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ووقعت القبة الكبرى على الصخرة بالبيت المقدس " (3).
وكان عهد القادر بالله يتسم بالفوضى وعدم استتباب الأمن لتسلط الأتراك على مقدرات الدولة، ففي حوادث سنة 417 ه يذكر أبو الفرج ابن الجوزي:
" وفي هذه السنة كثر تسلط الأتراك ببغداد، فأكثروا مصادرات الناس،